مباراة الترجي الرياضي التونسي و نادي حمام الأنف

 

شـــاشة البث المباشر في أسفل الصفحة

تقديم الترجي الرياضي التونسي :

يُعتبر الترجي الرياضي التونسي من أعرق الأندية في تاريخ كرة القدم التونسية والعربية والإفريقية. تأسس النادي سنة 1919 في حي باب سويقة بالعاصمة تونس، وكان ولا يزال رمزًا من رموز الرياضة الوطنية والهوية التونسية. منذ تأسيسه، حمل الترجي الرياضي طموحات جيل كامل من الشبان الوطنيين الذين أرادوا التحدي الرياضي في فترة الاستعمار الفرنسي، وجعلوا من كرة القدم وسيلةً للتأكيد على وجودهم الثقافي والسياسي.

اختار الترجي الرياضي التونسي اللونين الأحمر والأصفر شعارًا له، وهما يرمزان إلى الحماس والقوة والانتماء. سُمي النادي بـ"الترجي" نسبة إلى مقهى "الترجي"، حيث تم عقد أولى الاجتماعات لتأسيس الفريق. ومنذ ذلك الحين، أصبح هذا الاسم علامة فارقة في المشهد الرياضي، بل وتحول إلى أسطورة حية تحكي قصة نجاح مستمر لأكثر من قرن من الزمن.

عرف الترجي منذ بداياته صعوبات كبيرة بسبب قلة الإمكانيات وضغوطات الاستعمار، لكنه مع ذلك، نجح في فرض نفسه تدريجيا على الساحة الرياضية. كان النادي مدرسة حقيقية للعديد من اللاعبين والمدربين والإداريين، وهو ما جعله يكتسب مع مرور السنوات خبرة كبيرة في جميع الجوانب التنظيمية والفنية.

خلال مسيرته الطويلة، أحرز الترجي عشرات الألقاب المحلية والقارية، ليصبح النادي الأكثر تتويجًا في تونس وأحد أنجح الأندية في إفريقيا والعالم العربي. على الصعيد المحلي، يُعد الترجي أكثر نادٍ تتويجًا ببطولة الرابطة المحترفة الأولى التونسية لكرة القدم، حيث تمكن من الفوز بالبطولة أكثر من ثلاثين مرة، مع سلسلة متتالية من التتويجات التي جعلته يحتكر الصدارة في العقدين الأخيرين.

أما على الصعيد القاري، فقد حقق الترجي إنجازات كبيرة، أبرزها تتويجه بلقب دوري أبطال إفريقيا أربع مرات (1994، 2011، 2018، و2019)، إلى جانب مشاركاته المتعددة في كأس العالم للأندية، حيث واجه أعظم أندية العالم وقدم مستويات مشرفة. كذلك أحرز الترجي العديد من الألقاب الأخرى مثل كأس السوبر الإفريقي وكأس الكؤوس الإفريقية سابقًا.

واشتهر الترجي بجماهيره العريضة التي تسانده في السراء والضراء، حيث تُعرف جماهير "المكشخة" بحماسها الكبير وأهازيجها الرنانة التي تملأ مدرجات الملاعب. مدرجات "الفيراج" في ملعب رادس تشكل مشهدًا استثنائيًا خلال المباريات الكبرى، إذ تُرسم لوحات فنية عبر التيفوهات والأعلام العملاقة والأناشيد الحماسية التي تزيد من هيبة الفريق.

من حيث التكوين القاعدي، لطالما كان للترجي دور كبير في تكوين اللاعبين الشبان، حيث يمتلك أكاديمية معروفة بتخريج نجوم برزوا محليًا ودوليًا. كان الترجي بوابة العديد من اللاعبين للانضمام إلى المنتخبات الوطنية، وخاصة المنتخب التونسي الذي اعتمد على نجوم الترجي في مختلف مشاركاته القارية والعالمية.

إداريًا، عرف الترجي فترات استقرار كبيرة ساهمت في بناء قوته، خصوصًا مع الرئيس حمدي المدب، الذي قاد الفريق إلى عصر ذهبي جديد من خلال ضخ استثمارات كبيرة، وتطوير البنية التحتية، وتدعيم الفريق بنخبة من أفضل اللاعبين المحليين والأجانب. بفضله، تحول الترجي إلى مؤسسة رياضية واقتصادية قوية قادرة على المنافسة على أعلى المستويات.

لم يكن نجاح الترجي محصورًا فقط في كرة القدم، بل شمل رياضات أخرى ككرة اليد، حيث يُعد الترجي من أنجح الفرق على الصعيدين المحلي والقاري، إلى جانب إنجازاته في الكرة الطائرة وغيرها من الرياضات. هذا التنوع في النجاحات جعل من الترجي نموذجًا يحتذى به في إدارة النوادي الرياضية.

عرف الترجي أيضًا منافسات شرسة مع غريمه التقليدي النادي الإفريقي، فيما يُعرف بـ"دربي العاصمة"، وهي مباريات تحبس الأنفاس وتستقطب اهتمام الشارع التونسي بأكمله، وتعبر عن عراقة التقاليد الكروية في تونس. مباريات الترجي مع بقية الكبار مثل النجم الساحلي والنادي الصفاقسي تكتسي طابعًا خاصًا، وهي جزء لا يتجزأ من قصة البطولة التونسية.

من ناحية أخرى، لعب الترجي دورًا محوريًا في تطور كرة القدم التونسية على المستوى المؤسسي، عبر مساهمته في تطوير المسابقات وتنظيم البطولات، إلى جانب تمثيله الفعال في الهيئات القارية والدولية.

كما لا يمكن الحديث عن الترجي دون ذكر مساهماته في اللحظات التاريخية لكرة القدم التونسية، مثل الفوز بكأس أمم إفريقيا 2004، حيث كان العديد من لاعبي المنتخب من أبناء النادي، إضافة إلى مساهمته في دعم المنتخبات الوطنية بمختلف فئاتها العمرية.

ورغم الانتقادات التي تطاله أحيانًا بسبب سياسة الانتدابات أو النتائج القارية، إلا أن الترجي عرف كيف يتجاوز الأزمات ويعيد بناء نفسه، محافظًا على موقعه كزعيم الأندية التونسية. هذا الصمود وهذه القدرة على التجدد دليل على عقلية الفوز المتأصلة في ثقافة النادي.

ويظل الترجي أكثر من مجرد فريق كرة قدم بالنسبة لجماهيره؛ إنه جزء من الهوية الثقافية والاجتماعية لعدد لا يُحصى من التونسيين الذين ورثوا حب الأحمر والأصفر عبر الأجيال. في كل شارع وزقاق بتونس، يمكن أن ترى القمصان الحمراء والصفراء، وتسمع قصص البطولات القديمة والجديدة.

في الختام، لا يمكن إنكار أن الترجي الرياضي التونسي كتب فصولًا ذهبية في سجل كرة القدم، وسيواصل كتابة المزيد منها بفضل إصرار أبنائه، ودعم جماهيره العريضة، وحكمة قادته. هو أكثر من نادٍ، هو مدرسة، وحكاية عشق لا تنتهي، وهو مؤسسة رياضية عريقة ستظل فخرًا لكل التونسيين، مهما اختلفت الانتماءات.

تقديم نادي حمام الأنف :

يُعد النادي الرياضي بحمام الأنف، أو كما يحلو لعشاقه تسميته "الهمهاما"، واحدًا من أعرق الأندية الرياضية في تاريخ كرة القدم التونسية. تأسس النادي سنة 1944 بمدينة حمام الأنف الواقعة بالضاحية الجنوبية للعاصمة تونس، وهي مدينة معروفة بطبيعتها الخلابة وتاريخها العريق. منذ نشأته، حمل النادي أحلام وطموحات أهالي المنطقة، وسرعان ما أصبح مَعلمًا رياضيًا بارزًا وشعلة تضيء سماء الرياضة الوطنية.

يتميز شعار النادي باللونين الأبيض والأخضر، حيث يرمز الأبيض للنقاء والأمل، بينما يعكس الأخضر حيوية الشباب وتجدد الطموحات. ومع مرور الزمن، ترسخت هوية النادي بقوة في ذاكرة محبيه، وأصبح قميص "الهمهاما" رمزًا للفخر والانتماء لدى أجيال متعاقبة.

خلال مسيرته الطويلة، عرف نادي حمام الأنف فترات زاهية وأخرى صعبة، لكنه بقي دائمًا حاضرا في الساحة الرياضية، يكافح من أجل رفع رايته عاليًا. منذ عقود، كان للنادي حضور بارز في البطولة التونسية، وقد تمكن من إحراز لقب البطولة الوطنية موسم 1951-1952، وهو إنجاز كبير يؤكد مكانته بين الكبار في تلك الفترة الذهبية لكرة القدم التونسية.

كما أحرز الفريق كأس تونس لكرة القدم في مناسبتين، وهو إنجاز مميز يعبر عن قدرته على المنافسة والتميز حتى أمام أقوى الفرق التونسية. إن هذه البطولات شكلت جزءًا من تاريخ النادي وأضفت عليه صبغة من المجد والعراقة التي لا تزال تُحكى حتى اليوم.

من الناحية الجماهيرية، يتميز نادي حمام الأنف بقاعدة جماهيرية وفية ومتحمسة، حيث تُعرف جماهير "الهمهاما" بشغفها الكبير وحبها اللامحدود للنادي. رغم أن الفريق يمر أحيانًا بفترات صعبة أو يتنقل بين الأقسام، فإن جماهيره تظل دائمًا السند الحقيقي، تملأ مدرجات ملعب حمام الأنف المعروف بملعب الشاذلي زويتن أو الملعب البلدي بحمام الأنف، مرددة الأهازيج والهتافات التي تبث الحماس في قلوب اللاعبين.

وقد مرّ على نادي حمام الأنف العديد من النجوم الكبار الذين تألقوا سواء في صفوف الفريق أو عبر انتقالاتهم إلى أندية أخرى أو إلى المنتخب الوطني. كان الفريق مدرسة حقيقية لتكوين اللاعبين الشبان، حيث أعطى لكرة القدم التونسية أسماء لامعة ساهمت في رفع راية الوطن عاليًا في المحافل الدولية.

لم يقتصر دور النادي على كرة القدم فقط، بل نشط أيضا في رياضات أخرى مثل كرة اليد وألعاب القوى، مما يعكس اهتمامه بالتنمية الشاملة للرياضة والمواهب في المنطقة. كان دائمًا يسعى إلى لعب دور اجتماعي وثقافي عبر تنظيم دورات رياضية وثقافية لشباب حمام الأنف، مُعززًا بذلك الاندماج الاجتماعي والانتماء الجماعي.

ورغم محدودية الإمكانيات مقارنة بالأندية الكبرى في تونس، فإن نادي حمام الأنف أظهر مرارًا عزيمة استثنائية وقدرة على تجاوز الصعاب. كثيرًا ما عانى الفريق من صعوبات مالية وإدارية أثرت على نتائجه، لكنه بفضل أبناء النادي المخلصين والداعمين الأوفياء، استطاع دائمًا الوقوف من جديد والانطلاق بروح جديدة.

عرف النادي عدة فترات صعود وهبوط بين الرابطة المحترفة الأولى والثانية، ومع ذلك ظلّ دائمًا محتفظًا بهويته وسمعته، وبقي يُعامل بكل احترام من خصومه بفضل تاريخه ومكانته الرمزية في كرة القدم التونسية. في كل موسم، يتطلع أبناء حمام الأنف إلى رؤية فريقهم يعود إلى القمة، حيث يليق به أن يكون بين الكبار.

ومن أهم المحطات في تاريخه، مشاركاته المميزة في كأس شمال إفريقيا للأندية البطلة في خمسينيات القرن الماضي، حيث كان النادي حينها أحد أقطاب كرة القدم في المنطقة. كما كانت له صولات وجولات في البطولات المحلية، حيث عُرف بقدرته على الإطاحة بالكبار وإحداث المفاجآت، مما جعله فريقًا لا يُستهان به أبدًا.

إداريًا، مرّ النادي بعدة مراحل مختلفة، وشهد فترات من الاستقرار أحيانًا والاضطراب أحيانًا أخرى. ومع ذلك، كانت هناك دائمًا محاولات لتطوير البنية التحتية وتحسين وضعية الفريق إداريا وفنيًا، خاصة مع ظهور أجيال جديدة من المسيرين الذين حملوا همّ النهوض بالنادي إلى مصاف الكبار من جديد.

أما على المستوى الفني، فقد كان لنادي حمام الأنف فلسفة خاصة في اللعب تعتمد على الروح القتالية والاعتماد على اللاعبين الشبان من أبناء النادي. هذا التمشي جعله دائمًا مصدرًا للمواهب الكروية وأعطاه طابعا مميزا في طريقة لعبه.

في كل موسم، يمثل الهمهاما حلقة خاصة ضمن بطولة الرابطة التونسية، حيث تحظى مبارياته باهتمام إعلامي وجماهيري كبير، لاسيما عندما يواجه الفرق الكبرى مثل الترجي الرياضي التونسي، النادي الإفريقي، النجم الساحلي، والنادي الصفاقسي.

ويظل طموح أنصار نادي حمام الأنف هو رؤية فريقهم يعود بقوة إلى الساحة الكروية الوطنية والدولية، عبر مشروع رياضي متكامل يرتكز على تكوين الناشئين واستعادة الروح التنافسية العالية. فالنادي يملك كل المقومات اللازمة للنجاح: تاريخ عريق، قاعدة جماهيرية وفية، موقع جغرافي مميز، وروح قتالية أصيلة.

اليوم، ومع تطور كرة القدم وتغير المشهد الرياضي التونسي، تتطلب مهمة النهوض بنادي حمام الأنف مجهودًا جماعيًا من الأحباء والمسيرين واللاعبين السابقين والمستثمرين، لإعادة النادي إلى مكانه الطبيعي بين الكبار، حيث يليق به أن يكون.

في الختام، يبقى نادي حمام الأنف أكثر من مجرد فريق كرة قدم؛ إنه مؤسسة رياضية واجتماعية وثقافية لها جذور عميقة في المجتمع التونسي. سيظل "الهمهاما" رمزًا للكبرياء والصمود والعشق اللامحدود، وسيواصل كتابة فصول جديدة من تاريخه المجيد مهما كانت التحديات.




تابع موقعنا عبر خدمة جوجل نيوز للحصول على أخر الأخبار الرياضية أول بأول ...