البث المباشر في أسفل الصفحة
تقديم النجم الرياضي الساحلي :
النجم الرياضي الساحلي، أو كما يُعرف اختصارًا بـ"النجم" أو "ليتوال"، هو واحد من أعظم وأعرق الأندية الرياضية في تونس وفي القارة الإفريقية، بل ويُعدّ مفخرة مدينة سوسة الساحلية وأحد رموز الرياضة التونسية منذ تأسيسه سنة 1925. النجم ليس فقط ناديًا لكرة القدم، بل هو مؤسسة رياضية وثقافية واجتماعية متعددة الفروع، أهدت لتونس لحظات من الفرح والفخر والانتصار، وارتبط اسمه بالتميز والانضباط والروح القتالية التي طبعت أداءه منذ عقود.
تأسّس النجم الرياضي الساحلي في ظل الاحتلال الفرنسي، كجزء من المقاومة الثقافية للشعب التونسي، وكان من أول الأندية التي تبنّت الموقف الوطني في وقت كانت فيه الهوية التونسية مهددة. لذلك، حمل شعار النجم الخماسي الأحمر، رمزًا للحرية والكرامة، وظل وفيًا لقيم النضال والمقاومة والانتماء. وقد جمع منذ البداية بين الطابع المحلي لمدينة سوسة والطموح الوطني، فصار يمثل الساحل التونسي بكامله، ومنه استمد اسمه وهويته الفريدة.
في كرة القدم، حقق النجم إنجازات مذهلة جعلته في طليعة الأندية الإفريقية والعربية، حيث تُوّج بعدة بطولات وطنية (الدوري التونسي)، كما فاز بكأس تونس مرات عديدة، إضافة إلى بطولات السوبر التونسي. وعلى المستوى القاري، لا يمكن الحديث عن الكرة الإفريقية دون ذكر النجم، الذي فاز بدوري أبطال إفريقيا سنة 2007 بعد مباراة نهائية تاريخية ضد الأهلي المصري في القاهرة، ليكون ثاني فريق تونسي بعد الإفريقي يُتوَّج بهذه البطولة. كما تُوّج الفريق بكأس الكونفدرالية الإفريقية أكثر من مرة، وبكأس السوبر الإفريقي، وكأس الكؤوس الإفريقية، ما جعله أحد أكثر الأندية تتويجًا على المستوى القاري.
ويتميّز النجم الرياضي الساحلي بكونه النادي التونسي الوحيد الذي تُوِّج بكل المسابقات الإفريقية الرسمية المعترف بها من الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، وهي بطولة فريدة وضعته في مصاف الكبار إلى جانب أندية مثل الأهلي والزمالك ومازيمبي. هذا التميّز لم يأتِ من فراغ، بل كان نتيجة عمل متكامل، يبدأ من التكوين القاعدي للفئات الشابة، مرورًا بالإدارة المحنكة، وصولًا إلى اللاعبين والمدربين الذين حملوا ألوان الفريق.
وقد عرف الفريق أسماء أسطورية لا تُنسى، مثل اللاعب المخضرم زبير بية الذي تألق محليًا ودوليًا، وكذلك علي بومنيجل، جيلسون سيلفا، أمين الشرميطي، عصام جمعة، فرانك كوم، وغيرهم من النجوم الذين سطعوا بألوان النجم. كما كان الفريق تحت قيادة مدربين كبار مثل فوزي البنزرتي، الذي يعتبر من أنجح المدربين في تاريخ النادي، وقاد الفريق إلى منصات التتويج عدة مرات.
جمهور النجم الرياضي الساحلي هو أحد أسرار قوته، فهو جمهور وفيّ، متعصّب لحب ناديه، لا يتخلّى عنه في الشدائد، ويملأ مدرجات الملعب الأولمبي بسوسة الذي يُعدّ قلعة النجم، ومسرحًا للعديد من المباريات التاريخية. هذا الجمهور لا يدعم فريقه فقط في سوسة، بل يرافقه في كل تنقلاته داخل وخارج تونس، ويُعدّ من أكثر الجماهير تنظيمًا ووفاءً في الوطن العربي. ويتميّز جمهور النجم برفعه لافتات ضخمة وكوريوغرافيات تُعبّر عن روح الانتماء، وتعكس الوعي الثقافي والرياضي للمحبين.
ولم يقتصر تميز النجم على كرة القدم فقط، بل يمتلك أقوى فروع كرة اليد والكرة الطائرة وكرة السلة وألعاب القوى، حيث حصد النادي مئات البطولات في مختلف الاختصاصات، وأنتج أبطالًا حملوا راية تونس في المحافل الدولية، سواء في الألعاب الأولمبية أو البطولات العالمية. ويُعتبر فرع الكرة الطائرة في النجم من بين الأقوى إفريقيًا، حيث تُوّج بعدة بطولات وطنية وقارية.
اجتماعيًا، يقوم النجم الرياضي الساحلي بدور محوري في المجتمع السوسوي، حيث لا يُعتبر فقط مصدرًا للفرجة والمتعة، بل أيضًا مدرسة للأخلاق والانضباط، ومؤسسة تُساهم في تكوين الشباب رياضيًا وتربويًا. ولهذا السبب، يحظى النادي بمكانة خاصة في قلوب أهل الساحل، الذين يرون فيه مرآة لطموحاتهم ومصدرًا دائمًا للفخر.
رغم التحديات المالية والإدارية التي مرّ بها الفريق في السنوات الأخيرة، بقي النجم واقفًا بفضل جماهيره وتاريخه العريق، وهو يعمل اليوم على إعادة البناء والانطلاق من جديد نحو البطولات، بقيادة جيل جديد من اللاعبين والمسيرين الذين يؤمنون بأن مكان النجم الطبيعي هو القمة. وإذ نذكر اليوم أمجاد النجم، فإننا نُدرك أن تاريخه لم يُكتب بعد بالكامل، وأن المستقبل لا يزال يحمل الكثير من الفصول المضيئة لهذا الفريق العملاق.
باختصار، النجم الرياضي الساحلي هو أكثر من مجرد فريق، هو مؤسسة متكاملة، وهوية شعب، وذاكرة أمة. هو نادٍ جمع بين الرياضة، والوطنية، والعراقة، والمجد، وسيظل دائمًا أحد أعمدة الكرة التونسية والإفريقية، مهما تعاقبت الأجيال وتغيّرت الظروف. النجم هو قصة عشق لا تنتهي، هو "ليتوال" الذي يُضيء سماء الرياضة منذ قرن، ويعد بمواصلة التألق لعقود قادمة.
تقديم الملعب التونسي :
الملعب التونسي، أو كما يُطلق عليه محبوه اختصارًا "البقلاوة"، هو واحد من أعرق الأندية الرياضية في تونس وأكثرها تأثيرًا في تاريخ كرة القدم التونسية. تأسس يوم 11 يناير 1948، في منطقة باردو، بالعاصمة تونس، وسرعان ما فرض نفسه كقوة كروية صاعدة، ليكون منافسًا شرسًا لأكبر الأندية التقليدية مثل الترجي والنجم والإفريقي. لكن ما يُميز الملعب التونسي حقًا، إلى جانب ألقابه وإنجازاته، هو تاريخه المجيد، مدرسته الكروية العريقة، ومكانته في قلوب عشاق كرة القدم الأصيلة.
منذ نشأته، ارتبط اسم الملعب التونسي بالقيم الرياضية النبيلة، وبتقديم كرة قدم أنيقة، تعتمد على المهارات الفردية والانضباط الجماعي، وهو ما جعله مدرسة حقيقية لتكوين الأجيال، وليس فقط فريقًا ينافس على الألقاب. وسرعان ما حصد الفريق ثمار اجتهاده، ليتوج بعدة ألقاب على الصعيد الوطني، أبرزها بطولة تونس في ثلاث مناسبات (1958، 1961، 1962)، ليكون أحد أوائل الفرق التي كسرت هيمنة الأندية الكبرى في فجر الاستقلال. كما حقق كأس تونس في 6 مناسبات، أعوام 1956، 1958، 1960، 1962، 1966، و2003، وهو رقم مميز يضعه ضمن أكثر الفرق تتويجًا في هذه المسابقة.
لكن قوة الملعب التونسي لا تكمن فقط في الأرقام والبطولات، بل في تأثيره العميق على تطور الكرة التونسية، حيث كان وما زال منبعًا للمواهب الاستثنائية، التي أمدّت المنتخب الوطني والفرق الأخرى بلاعبين كبار. من أبرز من أنجبتهم مدرسة البقلاوة نذكر طارق ذياب، الذي توّج بجائزة أفضل لاعب في إفريقيا سنة 1977، وكان من رموز الجيل الذهبي للكرة التونسية. كما برز مختار ذويب، عتوقة، حمادي العقربي (لعب مع الفريق فترة قصيرة)، والعديد من اللاعبين الذين تركوا بصمة محلية ودولية.
واشتهر الملعب التونسي بامتلاكه إحدى أفضل مراكز التكوين في تونس، وهي أكاديمية البقلاوة، التي تعتبر مرجعًا في إعداد اللاعبين الناشئين، حيث خرّجت العديد من الأسماء التي صقلت موهبتها هناك قبل أن تتألق محليًا أو تحترف خارج البلاد. وقد تبنّى النادي سياسة تطوير المواهب بدلاً من شراء النجوم الجاهزين، مما جعله يُحافظ على هويته الأصيلة ويُساهم بفعالية في تطوير الكرة التونسية على المدى البعيد.
ويمتلك الملعب التونسي ملعبًا خاصًا به يُعرف باسم ملعب الهادي النيفر، وهو ليس مجرد فضاء رياضي، بل ذاكرة حية لتاريخ طويل من المباريات الكبرى، واللحظات الخالدة التي عاشها جمهور البقلاوة الوفي. رغم صغر حجم المدرجات مقارنة ببعض الملاعب الأخرى، إلا أن الأجواء فيه دائمًا ما تكون حماسية، تعكس عشق الجماهير لهذا النادي العريق، الذين يُعرفون بولائهم وصبرهم وتقديرهم لقيمة النادي، مهما كانت النتائج.
تاريخيًا، لم يكن الملعب التونسي مجرد متفرج على الأحداث الكروية، بل كان لاعبًا رئيسيًا فيها، فشارك في العديد من البطولات الإفريقية، وبلغ أدوارًا متقدمة في بعض النسخ، كما خاض مواجهات قوية ضد كبار القارة، وساهم في رفع اسم تونس خارجيًا. ويُحسب للنادي مساهمته في أولى تجارب الفرق التونسية في المنافسات القارية، حيث كان من الفرق الرائدة التي تمثّل تونس في إفريقيا.
وقد مر الفريق في مسيرته بفترات ذهبية وأخرى صعبة، كما هو حال كل الفرق الكبيرة، حيث عرف تذبذبًا في النتائج في بعض المواسم، وتعرض للنزول إلى الرابطة الثانية، لكنه كان دائمًا يعود بقوة، بفضل صلابته التاريخية وجمهوره وحنكة مسؤوليه. تلك الروح القتالية والتحدي والوفاء للقميص الأخضر والعنابي جعلت من البقلاوة أكثر من مجرد فريق... إنها قصة انتماء وهوية وولاء عبر الأجيال.
ومؤخرًا، ومع التحديات الجديدة التي يعرفها المشهد الرياضي التونسي، يعمل النادي على إعادة بناء ذاته إداريًا وفنيًا، من خلال الاعتماد على التكوين، والاستثمار في المواهب الشابة، وتحديث البنية التحتية، وهو ما بدأ يعطي ثماره تدريجيًا. كما أصبح للنادي حضور على المستوى الرقمي والتواصلي، من خلال صفحات التواصل الاجتماعي، التي تُحاول ربط الماضي بالحاضر، والتفاعل مع الجيل الجديد من الأحباء.
ويبقى الملعب التونسي، رغم كل الظروف، رمزًا من رموز كرة القدم التونسية، ومؤسسة تستحق الاحترام، بما قدمته وما زالت تُقدمه للرياضة الوطنية. إنّه نادٍ بنى مجده على القيم، لا على الأموال، وعلى الاجتهاد، لا على المحاباة، وهو ما جعله من النوادي التي تفرض احترامها على الجميع، حتى خصومها.
في النهاية، فإن الحديث عن الملعب التونسي هو حديث عن الذاكرة الرياضية لتونس، عن مدرسة في الأخلاق واللعب النظيف، عن جمهورٍ يعشق الألوان الخضراء والعنابية، عن حلمٍ لا يموت، وعن نادٍ كُتب اسمه بأحرف من ذهب في سجل الرياضة الوطنية، وسيبقى كذلك إلى الأبد.