مباراة نجم المتلوي و النادي الإفريقي

 

البث المباشر في أسفل الصفحة

تقديم النجم الرياضي بالمتلوي :

نجم المتلوي هو أحد أعرق الأندية الرياضية في الجنوب الغربي التونسي، وتحديدًا في مدينة المتلوي التابعة لولاية قفصة، الواقعة في قلب الحوض المنجمي. تأسس الفريق سنة 1950، ويمثّل اليوم رمزًا من رموز الكرة في المناطق الداخلية لتونس، حيث يحمل في طيّاته تاريخًا طويلًا من الكفاح، ليس فقط على الميدان الرياضي، بل في تمثيل جهة طالما عانت من التهميش. ارتبط اسم نجم المتلوي بالروح القتالية والانتماء، ولقّبه محبّوه بـ"النجمة" و"فخر الحوض المنجمي".

يتميّز الفريق بقميصه الأحمر والأصفر، وألوانه المستمدة من تراب الجنوب، وهو ما يرمز إلى الشغف والصمود في وجه الصعوبات. ملعب الفريق يُعرف باسم "الملعب البلدي بالمتلوي"، ويتّسع لحوالي 4,000 متفرج، غير أن حماسة الجماهير غالبًا ما تجعله يهتز بصوتهم وكأنّه ملعب يتّسع لعشرات الآلاف. جماهير نجم المتلوي معروفة بولائها غير المشروط، وتُرافق فريقها في كل مكان، سواء في المنافسات المحلية أو خلال المباريات الحاسمة خارج الديار.

خلال العقود الماضية، تنقّل الفريق بين أقسام البطولة التونسية، لكنه عرف انطلاقة مميزة منذ بداية الألفية الثالثة، حيث استطاع الصعود إلى الرابطة المحترفة الأولى لأول مرة في تاريخه في موسم 2011-2012، بقيادة مدربين متميزين وإدارات راهنت على الطاقات المحلية. منذ ذلك الحين، أصبح نجم المتلوي طرفًا ثابتًا في الرابطة الأولى لعدة مواسم، محققًا نتائج لافتة، حيث هزم فرقًا كبرى مثل الترجي الرياضي والنجم الساحلي والنادي الإفريقي، وأثبت أنّه رقم صعب في البطولة.

رغم إمكانياته المحدودة، استطاع نجم المتلوي أن يُكوّن فريقًا متماسكًا يعتمد على شبّان الجهة، مع تدعيمات مدروسة من لاعبين تونسيين وأفارقة تركوا بصمتهم، ما منح النادي شخصية تنافسية قوية. كما عرف النادي فترات زاهية تحت إشراف مدربين مثل محمد الكوكي وجلال القادري وغيرهم ممن تركوا بصمتهم في مسيرة الفريق. الفريق شارك أيضًا في بعض المناسبات في كأس الاتحاد الإفريقي، وهو ما يُعتبر إنجازًا تاريخيًا لفريق من منطقة داخلية.

النادي يواجه تحديات كثيرة، أبرزها نقص الدعم المالي وغياب الاستثمارات الكبرى، مقارنة بالأندية الكبرى في العاصمة أو الساحل. لكنه، رغم كل العراقيل، يحافظ على مكانته في الساحة الكروية بفضل حب جماهيره وإرادة لاعبيه، الذين يلعبون بروح قتالية عالية تُدهش الملاحظين. ويُعتبر الفريق أيضًا مدرسة كروية أنجبت لاعبين برزوا في البطولة التونسية، وانتقل بعضهم إلى فرق أكبر داخل تونس وخارجها.

نجم المتلوي ليس مجرد فريق كرة قدم، بل هو مؤسسة مجتمعية تعبّر عن تطلعات شباب جهة عانت من التهميش الاقتصادي والاجتماعي، فتجده يمثل الأمل والطموح، ومرآة للهوية المحلية. هو صوت الحوض المنجمي في ملاعب كرة القدم، وسفير منطقة غنية بثرواتها الطبيعية وبفقرها في البنية التحتية. يحلم أبناء المتلوي أن يروا فريقهم يومًا ما ينافس على الألقاب، ويُطوّر بنيته التحتية، ويحظى بملعب حديث وإدارة ذات إمكانيات تؤهّله لصنع التاريخ.

باختصار، نجم المتلوي هو أكثر من مجرد نادٍ رياضي. إنه كيان متجذّر في الوجدان الشعبي، عنوان للكرامة والصمود، ومرآة لمعاناة ونجاحات مدينة بأكملها. هو نادي التحديات، الذي رغم قلّة الموارد، يشقّ طريقه بثبات، ويظلّ دائمًا خصمًا عنيدًا في البطولة التونسية.

تقديم النادي الإفريقي :

النادي الإفريقي، أو كما يُطلق عليه محبّوه بكل فخر "الافريقي"، ليس مجرد فريق كرة قدم، بل هو أحد أعرق وأهمّ الأندية في القارة الإفريقية والعالم العربي، وهو قبل كل شيء مؤسسة رياضية، ثقافية، واجتماعية تشكّلت في قلب العاصمة التونسية، مدينة تونس، وخلّدت اسمها في سجلات التاريخ منذ تأسيسها في 4 أكتوبر 1920. النادي الإفريقي هو أول فريق تونسي يحرز لقبًا قاريًا، وأول من رفع اسم تونس عاليًا في المسابقات الدولية، وأحد رموز الاستقلال الوطني، حيث ارتبط منذ بداياته بالمقاومة ضد الاستعمار الفرنسي وكان ولا يزال مَعلمًا من معالم الهوية الوطنية التونسية.

يرتدي الفريق ألوانًا مميزة: الأحمر والأبيض، وهو ما يمنحه تميّزًا بصريًا في كل الملاعب التي يزورها. شعار النادي يجمع بين البساطة والرمزية، يحمل حرف "A" في الوسط، اختصارًا لـ "Afrique"، تحيط به عناصر تدل على الشجاعة، التضحية، والانتماء العميق. هذه الألوان ليست مجرد زي رياضي، بل هي راية مقدّسة في عيون جماهيره، وأيقونة عشق تتناقلها الأجيال.

منذ تأسيسه، اتخذ النادي موقفًا وطنيًا واضحًا، حيث كان من أوائل الأندية التي رفضت الخضوع للسلطات الاستعمارية في تنظيم النشاطات الرياضية، وواجهت إداراته المتعاقبة تحديات كبرى في الدفاع عن الهوية التونسية في وجه الاحتلال الفرنسي. وقد كانت مدرجات ملعب "الحديقة أ" – مقر النادي التاريخي – بمثابة منبر وطني يجمع حوله التونسيين، ويوحّدهم حول راية النادي.

رياضيًا، يُعتبر النادي الإفريقي من أنجح الأندية في تونس. فاز بالبطولة التونسية لكرة القدم 13 مرة، كما توّج بكأس تونس 13 مرة أيضًا، بالإضافة إلى فوزه بكأس السوبر التونسي، وكأس المغرب العربي، وكأس إفريقيا للأندية البطلة سنة 1991، وهو إنجاز غير مسبوق في ذلك الوقت، جعل منه أول نادٍ تونسي يتربع على عرش القارة السمراء. شارك في عديد البطولات القارية الأخرى، وبلغ أدوارًا متقدمة في دوري أبطال إفريقيا وكأس الكاف، ما عزّز سمعته خارج حدود الوطن.

جماهير النادي الإفريقي تُعدّ من بين الأكثر وفاءً وحماسًا في العالم العربي والإفريقي. "Les Fans Clubistes"، كما يُعرفون، هم ظاهرة بحد ذاتها. حضورهم في الملاعب، أناشيدهم، تصاميم "التيفو" المذهلة، كلّها تجعل من كل مباراة للنادي حدثًا استثنائيًا. يشتهر الإفريقي بجمهور لا يغيب، حتى في أصعب الظروف، ولا يتخلى عن فريقه مهما كانت النتائج، ما جعل من "الوفاء" مرادفًا لاسم النادي. بل إنّ مدرّجات الإفريقي تحوّلت إلى مسرح تعبيري فيه من الإبداع ما يفوق الملاعب الأوروبية، وتحوّلت صور جماهيره إلى ترند عالمي في أكثر من مناسبة.

عرف النادي عبر تاريخه العديد من النجوم والأساطير، مثل نجيب الخطاب، حمادي العقربي (الذي لعب لفترة فيه)، سمير السليمي، فوزي الرويسي، علي العابدي، زهير الذوادي، والعديد من الأسماء التي تركت بصمتها في المستطيل الأخضر. كما مرّ عليه مدربون كبار، تونسيون وأجانب، منهم فوزي البنزرتي، مارشان، وعبد الحق بن شيخة. هذه الأسماء ساهمت في صنع هيبة الفريق، وفي الحفاظ على فلسفة كروية قائمة على المهارة، الهجوم، والروح الجماعية.

رغم أن الفريق عرف فترات تألق، إلا أن تاريخه لم يكن خاليًا من الصعوبات. فقد مرّ بأزمات مالية خانقة، وإدارات متعاقبة لم تحسن دائمًا التسيير، وهو ما أدّى أحيانًا إلى اهتزاز النتائج، وتراجع الفريق في سلم الترتيب. لكن، وبفضل ضغط جماهيره ويقظة أحبّائه، كان الإفريقي دائمًا ينهض من كبواته، ويعود ليؤكّد أنه لا يموت، بل يمرض فقط. آخر الأزمات الكبرى تمثّلت في عقوبات من الفيفا، ومنع من الانتدابات، لكن أبناء النادي وجماهيره نظّموا حملات تمويل غير مسبوقة، ونجحوا في تخفيف الأعباء المالية، وهو ما يُثبت أن النادي الإفريقي أكبر من مجرد مؤسسة رياضية، بل هو قوة شعبية حقيقية.

النادي الإفريقي لا يقتصر نشاطه على كرة القدم، بل يُعتبر ناديًا متعدّد الفروع، يضمّ أقسامًا متميّزة في كرة اليد، كرة السلة، الكرة الطائرة، والملاكمة، وقد أحرز ألقابًا محلية وقارية في هذه الرياضات أيضًا، خصوصًا في كرة اليد التي تعتبر من أقوى الفروع وأكثرها تتويجًا. كما يُشكّل ناديًا جامعًا للرياضيين والرياضيّات، ومساهمًا فاعلًا في تكوين الشباب.

اجتماعيًا وثقافيًا، ظلّ النادي الإفريقي رمزًا للانفتاح، للتعدّد، وللانتماء المدني. جمهوره يتكوّن من كل فئات المجتمع، من الطبقة العاملة إلى النخب الثقافية، من الأحياء الشعبية إلى المناطق الراقية، من تونس العاصمة إلى سائر الولايات. هو نادٍ لا ينتمي إلى حي أو مدينة فقط، بل هو نادٍ "وطني" بامتياز. تجد في الإفريقي فنّانين، مثقفين، إعلاميين، وحتى سياسيين يعتبرونه عنوانًا للهوية.

"CA" أو "Club Africain" لم يكن يومًا مجرّد نادٍ، بل هو كيان حيّ، يختزل قرنًا من التحديات، النضال، المجد، والأحلام. هو نادٍ وُلد من رحم الوطنية، شبّ على مقاومة الظلم، ونضج على صوت الجماهير. ويكفي أن تدخل الحديقة "أ" أو تجلس في مدرجات "رادس" لترى كيف تهتف القلوب قبل الحناجر، "CA يا دمي"، لتدرك أن هذا النادي لا يُشجَّع فقط، بل يُعاش، يُعشق، ويُورَّث.

اليوم، وعلى الرغم من كثرة التحديات، يظلّ النادي الإفريقي أحد أركان الكرة التونسية، وأحد أبرز علامات الرياضة في العالم العربي. فمع كل مباراة، ومع كل موسم جديد، يُولد الأمل مجددًا، ويُثبت هذا النادي العريق أنّه أكبر من أي أزمة، وأقوى من أي سقوط، وأنّ شعاره سيبقى شامخًا، في القلوب قبل الملاعب.




تابع موقعنا عبر خدمة جوجل نيوز للحصول على أخر الأخبار الرياضية أول بأول ...