البث المباشر في أسفل الصفحة
تقديم الترجي الرياضي التونسي :
يُعدّ الترجي الرياضي التونسي – فرع كرة اليد من أنجح وأعرق الفرق في تاريخ اللعبة في تونس وإفريقيا. تأسس هذا الفرع في إطار الهيكل الرياضي العام لنادي الترجي سنة 1957، وهو تاريخ بداية اهتمام النادي بالألعاب الجماعية الأخرى إلى جانب كرة القدم. ومنذ ذلك التاريخ، عرف الفريق مسيرة مليئة بالنجاحات والألقاب، جعلت منه اسمًا لامعًا في سماء كرة اليد الإفريقية والعربية.
منذ بداياته، سعى الترجي إلى تكوين فريق قوي من خلال الاعتماد على اللاعبين المحليين، وتطوير التكوين القاعدي. وقد تميز بقدرته على جذب أفضل المواهب من مختلف الجهات، وهو ما ساعده على فرض سيطرته محليًا في ظرف وجيز. خلال ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، دخل الفريق في منافسة شرسة مع أندية عريقة مثل النادي الإفريقي، النجم الساحلي، جمعية الحمامات، ونادي ساقية الزيت، وكان دائمًا رقمًا صعبًا في البطولة.
في سجل البطولات المحلية، يُعد الترجي الرياضي الأكثر تتويجًا أو من بين الأكثر تتويجًا، حيث تُوّج بعديد الألقاب في بطولة تونس الممتازة وكذلك في كأس تونس. وقد حقق في عدة مواسم الثنائية أو حتى الثلاثية، وهي إنجازات نادرة في سجل الفرق التونسية. كما تمكّن الفريق من الحفاظ على مستوى أداء عالٍ على مدى سنوات، ما سمح له بالتواجد دائمًا في المراكز الأولى.
أما على المستوى القاري، فقد كانت للترجي الرياضي مشاركات لامعة في بطولة إفريقيا للأندية البطلة وبطولة إفريقيا للأندية الفائزة بالكأس، حيث تُوّج بعدة ألقاب إفريقية، وأثبت قوته أمام أندية قوية مثل الزمالك المصري، الأهلي، مولودية الجزائر، وفاق عين التوتة، والرجاء البيضاوي. وقد تميّز الترجي بأسلوب لعبه الجماعي والدفاعي القوي، إلى جانب السرعة في التحول الهجومي.
ومن بين أبرز الإنجازات الدولية للفريق، فوزه بلقب بطولة إفريقيا للأندية البطلة أكثر من مرة، إلى جانب تتويجه بلقب السوبر الإفريقي. وشارك كذلك في بطولة العالم للأندية "سوبر غلوب"، حيث قدّم مستويات محترمة رغم قوة المنافسة التي ضمت أندية عالمية كبريمن الألماني وبرشلونة الإسباني.
شهد الترجي مرور عدة أسماء لامعة في تاريخ كرة اليد التونسية والإفريقية، سواء كلاعبين أو كمدربين. من بين أبرز النجوم نذكر: وسام حمام، أحد أفضل لاعبي تونس في التاريخ، الذي تألق مع الفريق قبل خوضه تجربة احترافية أوروبية ناجحة. كما برز هيكل مقنم، حمدي التواتي، شكيب بالحسن، ومروان مقايز، حارس المرمى العملاق الذي ساهم في العديد من التتويجات المحلية والإفريقية.
ولم يكن النجاح فقط على مستوى الأكابر، بل أيضًا في الفئات الشابة. فقد أولى الترجي اهتمامًا كبيرًا بتكوين الناشئين، وهو ما أثمر مواهب عديدة ساهمت في دعم الفريق الأول والمنتخب الوطني. يمتلك الفريق أكاديمية محترفة تُخرّج سنويًا لاعبين قادرين على المنافسة على أعلى مستوى، وهو ما جعله ركيزة أساسية للمنتخبات الوطنية بمختلف أصنافها.
إداريًا، عُرف فرع كرة اليد بنظامه الصارم واحترافيته العالية، حيث يتم تسييره من قبل لجنة مختصة منبثقة عن الهيئة المديرة العامة للنادي. ويُحسب للترجي قدرته على الحفاظ على استقرار إداري وفني طويل الأمد، وهي ميزة قلّما نجدها في باقي الأندية التونسية، مما ساعده على بناء مشروع رياضي متكامل ومستدام.
جماهير الترجي لعبت كذلك دورًا محوريًا في دعم فرع كرة اليد. فعشاق "المكشخة" لا يقتصرون على كرة القدم، بل يواكبون كل الرياضات التي يمثل فيها الترجي رايته. وتُعرف جماهير اليد بحماسها الكبير، خاصة في المواجهات الحاسمة محليًا وإفريقيًا، حيث تملأ القاعات وتدفع الفريق معنويًا لتحقيق الفوز.
ويُعدّ قاعة الزواوي المعقل الرسمي لفريق الترجي لكرة اليد، وهي قاعة حديثة التجهيز مقارنة بالعديد من القاعات الأخرى، وتُوفر ظروف لعب وتدريب مثالية، ما ساهم في تحقيق نتائج إيجابية على المستوى القاري.
من جهة أخرى، فإن الترجي لم يكتفِ بالتتويجات، بل ساهم كذلك في تطوير كرة اليد التونسية عامةً، من خلال تنظيم الدورات، والمشاركة في تطوير القوانين، والرفع من نسق التكوين، إلى جانب مدّ المنتخب الوطني باللاعبين المتميزين. كما ساهم في رفع قيمة كرة اليد التونسية على الساحة الدولية، ما جعل تونس تُصنف من بين أقوى مدارس كرة اليد في إفريقيا والعالم العربي.
وإلى اليوم، لا يزال الترجي الرياضي التونسي قوة ضاربة في كرة اليد، يواصل المنافسة على جميع الجبهات، محليًا وإفريقيًا، مدعومًا بتاريخه المجيد، وجماهيره الوفية، وطاقمه الإداري والفني المحترف. ويبقى الهدف الدائم هو مواصلة حصد الألقاب، وتكوين أجيال جديدة، والحفاظ على راية النادي مرفوعة في كل المحافل.
ففي الترجي، لا يُنظر إلى التتويج كغاية فقط، بل كجزء من فلسفة مؤسسية تقوم على العراقة، المنافسة، والتطور المستمر. لذلك، سيبقى الترجي الرياضي التونسي منارة لكرة اليد التونسية ومرجعًا في العمل الرياضي الناجح.
تقديم النجم الرياضي الساحلي :
النجم الرياضي الساحلي هو واحد من أعرق الأندية الرياضية في تونس وإفريقيا والعالم العربي، حيث تم تأسيسه يوم 11 ماي سنة 1925 بمدينة سوسة الساحلية، ليكون منذ انطلاقته صرحًا رياضيًا وجماهيريًا متميزًا، رافعًا شعار الوطنية، المثابرة، والانتماء. منذ نشأته، لم يكن النجم مجرد نادٍ رياضي، بل مثّل منارة للمقاومة الثقافية والسياسية ضد الاستعمار الفرنسي، حيث انخرط في الدفاع عن الهوية الوطنية عبر الرياضة، فغدا اسمه مرتبطًا بالنضال والانتماء الشعبي. وقد اختير له اسم "النجم" ليكون رمزًا للضياء والأمل في زمنٍ كان فيه الشعب التونسي يرزح تحت نير الاحتلال.
يُلقب النجم بـ"ليتوال"، وتعني "النجم" بالفرنسية، وأيضًا بـ"جوهرة الساحل" نظرًا لموقعه الجغرافي وتاريخه الزاخر بالإنجازات. يحتضن النجم في صفوفه العديد من الفروع الرياضية المتنوعة، من بينها كرة القدم، كرة اليد، الكرة الطائرة، كرة السلة، المصارعة، والجودو، وقد حقق إنجازات بارزة في كل منها، ليؤكد مكانته كنادٍ متعدد الاختصاصات وشامل في خدماته الرياضية والتنموية.
في فرع كرة القدم، وهو الأكثر شهرةً وجماهيرية، حقق النجم الرياضي الساحلي العديد من الألقاب المحلية والإفريقية والعربية. محليًا، تُوج النجم بعديد البطولات الوطنية أبرزها البطولة التونسية التي أحرزها في عدة مناسبات، إضافة إلى كأس تونس التي كانت دائمًا مسرحًا للتنافس بين كبار الأندية. أما إفريقيًا، فقد دخل النجم التاريخ من أوسع أبوابه بفضل فوزه بكأس دوري أبطال إفريقيا سنة 2007، على حساب النادي الأهلي المصري، في مباراة تاريخية احتضنها ملعب القاهرة الدولي، ويُعتبر بذلك أول فريق تونسي يتوج بهذه المسابقة في شكلها الحديث. ولم يتوقف نجاح النجم عند هذا الحد، فقد أحرز أيضًا كأس الاتحاد الإفريقي (الكونفدرالية) في أكثر من مناسبة، وكأس الكؤوس الإفريقية، وكأس السوبر الإفريقي، ليصبح النادي التونسي الوحيد الذي فاز بكل المسابقات التي يشرف عليها الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (CAF).
ويُعد النجم الرياضي الساحلي من الأندية القليلة التي شرفت تونس والعرب في كأس العالم للأندية، حيث شارك في نسخة 2007 التي أقيمت في اليابان، وحقق خلالها إنجازًا تاريخيًا ببلوغه الدور نصف النهائي، قبل أن يحتل المركز الرابع عالميًا، مما زاد من إشعاعه القاري والعالمي. كما شارك الفريق في العديد من المسابقات العربية، وتوج بكأس الأندية العربية البطلة، وكأس الكؤوس العربية، وهو أيضًا أحد الأندية التي دافعت بقوة عن صورة الكرة التونسية في المحافل الخارجية.
ساهم النجم في تكوين وتصدير العديد من النجوم الذين تألقوا في الملاعب الأوروبية والعالمية، نذكر منهم ياسين الشيخاوي، صابر خليفة، حمدي النقاز، أيمن عبد النور، رامي البدوي، أمين الشرميطي، محمد أمين بن عمر وغيرهم. كما مرّ عليه مدربون كبار تركوا بصمتهم على أداء الفريق، أبرزهم الفرنسي روجيه لومير، الذي قاد الفريق إلى ألقاب تاريخية، بالإضافة إلى مدربين تونسيين محنكين مثل فوزي البنزرتي ومراد العقبي.
ويتميز جمهور النجم بشغفه ووفائه، حيث يُعد جمهور "ليتوال" من أكثر الجماهير وفاءً وحضورًا في الملاعب، سواء في المباريات المحلية أو الخارجية، ويشتهر بكرنفالاته وهتافاته المميزة، وقدرته على تحويل المدرجات إلى لوحة فنية من الحماس والانتماء، مما يجعل أجواء ملعب سوسة الأولمبي استثنائية في كل مناسبة. ولا يقتصر دعم الجمهور على الملاعب، بل يمتد إلى مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يعبّر الأحباء عن آرائهم، ويدافعون عن ناديهم بكل حماسة.
علاوة على الجانب الرياضي، يحرص النجم الرياضي الساحلي على أداء دور اجتماعي وثقافي فاعل في المجتمع، من خلال تنظيم أنشطة خيرية، تربوية، وتنموية لفائدة الشباب، وقد ساهم عبر مدارسه التكوينية في تقديم مواهب رياضية وأطر فنية متكاملة، تساهم في تطور الرياضة التونسية ككل. كما يدير النادي هيكل إداري وتنظيمي منظم، رغم الصعوبات والتحديات المالية التي تواجهه من حين لآخر، إلا أن إدارته تسعى دائمًا إلى تجاوز الأزمات من خلال الدعم الجماهيري والروابط المتينة مع المحيط الاقتصادي والرياضي.
إن النجم الرياضي الساحلي ليس مجرد نادٍ بل هو مؤسسة وطنية لها جذورها الممتدة في التاريخ، وقدرتها على التجدد والانبعاث باستمرار. يحتفظ النادي بخصوصيته الثقافية والرياضية ويُعد مدرسة في الأخلاق والانضباط. يمثل النجم فخرًا لمدينة سوسة وللساحل التونسي، وقد أصبح علامة رياضية تُضاهي كبريات الأندية الإفريقية والعربية، وما زال طموحه قائمًا نحو المزيد من التتويجات والتألق على المستوى القاري والدولي.
في الختام، تبقى قصة النجم الرياضي الساحلي قصة نجاح ملهمة، كُتبت بسواعد الأبطال، وعشق الجماهير، ورؤية المؤسسين الذين آمنوا بأن الرياضة وسيلة للحرية، الوحدة، والتميز. سيظل النجم عنوانًا للأصالة والمجد، وتبقى رايته الحمراء تتلألأ في سماء المجد، لتروي للأجيال القادمة ملحمة نادي لا يموت، بل يتجدد ويصنع التاريخ في كل زمان ومكان.