مباراة اتحاد بن قردان و الترجي الرياضي

 

البث المباشر في أسفل الصفحة

تقديم إتحاد بن قردان :

الاتحاد الرياضي ببن قردان، أو كما يُعرف اختصارًا بـ"اتحاد بن قردان"، هو نادٍ تونسي حديث العهد نسبيًا مقارنة بكبار الأندية، لكنه استطاع أن يفرض اسمه بسرعة في المشهد الرياضي التونسي، وأن يشكل حالة فريدة من التحدي والإصرار على النجاح. تأسس النادي سنة 1936 في مدينة بن قردان الواقعة في الجنوب الشرقي التونسي، على مقربة من الحدود الليبية، وتحديدًا في ولاية مدنين. ورغم تأسيسه المبكر، فقد ظل لسنوات طويلة ينشط في الأقسام السفلى من البطولة التونسية.

عرف النادي تحوّلاً نوعيًا منذ بداية الألفية الثالثة، وبشكل خاص بعد سنة 2010، حيث بدأ يخطط لصعود سريع ومدروس نحو النخبة. وقد تحقق الحلم أخيرًا في موسم 2014–2015 حين تمكن الفريق من الصعود لأول مرة في تاريخه إلى الرابطة المحترفة الأولى، وهو إنجاز غير مسبوق أثار دهشة المتابعين وأشعل الحماس في أوساط أبناء الجهة.

بمجرد صعوده إلى الرابطة الأولى، لم يلعب الاتحاد دور "الحلقة الأضعف"، بل فرض وجوده بثقة، ونافس بشراسة ضد كبار البطولة مثل الترجي، النجم الساحلي، الصفاقسي، والنادي الإفريقي. وقد تميّز الفريق بأداء قتالي وروح جماعية عالية، كما نجح في عديد المناسبات في إرباك الكبار وإحراجهم على ملعبه الذي أصبح يُعرف بـ"حصن بن قردان".

يشتهر الفريق بلعبه القوي والمنضبط، وباعتماده على لاعبين من أبناء الجهة إلى جانب تعزيزات مدروسة من داخل وخارج تونس. كما يتولى الإشراف عليه إداريون من خلفيات متنوعة، أبرزهم رجل الأعمال منذر بن عمار، الذي ضخ استثمارات هامة ووفّر البنية التحتية والدعم اللوجستي للنادي، مما جعله يستقر لسنوات في الرابطة الأولى.

من أبرز محطات الفريق مشاركته في كأس الكونفدرالية الإفريقية، حيث مثّل تونس في المنافسات القارية موسم 2017، بعد أن حلّ في المرتبة الرابعة في البطولة، وهو إنجاز فريد من نوعه لنادٍ حديث العهد بالرابطة الأولى. وقد نجح في تجاوز بعض الأدوار التمهيدية، مقدّمًا صورة مشرفة عن الكرة التونسية في المحافل الخارجية.

جماهير اتحاد بن قردان هي أيضًا قصة فخر وولاء. فقد رافقت الفريق في رحلة الصعود ووقفت بجانبه في لحظات التحدي، وعُرفت بحماسها وتشجيعها المتواصل. رغم محدودية عددها مقارنة بجماهير العاصمة أو الساحل، إلا أنها شكلت عنصر ضغط إيجابي في ملعب "الحي الرياضي ببن قردان"، الذي شهد عديد الانتصارات التاريخية.

ما يميز اتحاد بن قردان أيضًا هو تمثيله للجنوب التونسي في أعلى مستوى رياضي. فقد أصبح رمزًا للجهات المحرومة التي لطالما عانت من التهميش، وأعطى أملًا لأندية الجنوب بأن بلوغ القمة ليس مستحيلاً. كما لعب النادي دورًا اجتماعيًا هامًا من خلال تنشيط الحياة الرياضية في المنطقة، وتشجيع الشباب على ممارسة الرياضة والانخراط في أنشطة مفيدة.

وقد عرف النادي تطورًا واضحًا في مجال التسيير والهيكلة، حيث سعى إلى تأسيس مركز تكوين شبان، وتطوير الملعب وتجهيزه بتقنيات حديثة، والعمل على تحسين التسيير المالي والإداري. ورغم بعض الصعوبات، على غرار ضعف الدعم الإعلامي والتغطية الوطنية، إلا أن الاتحاد واصل طريقه بثبات وإصرار.

مباريات الفريق ضد الأندية الكبرى تُعد دائمًا محطّ اهتمام خاص، نظرًا للحماس الذي يطبعها، والأداء المفاجئ الذي يقدمه اتحاد بن قردان، خاصة على أرضه. كما تشهد مقابلاته أحيانًا أجواءً جماهيرية مشحونة، نظرًا لحدة التنافس وإرادة إثبات الذات.

من جهة أخرى، ساهم اتحاد بن قردان في تكريس فكرة اللامركزية في كرة القدم التونسية، مؤكدًا أن النجاح لا يقتصر على العاصمة أو الساحل، بل يمكن أن ينبثق من أعماق الجنوب عندما تتوفر الإرادة والموارد والقيادة الحكيمة.

اليوم، وبعد سنوات من الصعود، أصبح اتحاد بن قردان رقمًا صعبًا في المعادلة الكروية التونسية. يُحسب له ألف حساب، ويُتوقع منه دائمًا تقديم المفاجآت. وقد غيّر هذا الفريق مفهوم "الصاعد الجديد"، من كونه الحلقة الأضعف إلى كونه منافسًا جادًا على مراكز متقدمة، ووجهة للاعبين الباحثين عن التألق.

يمثل اتحاد بن قردان قصة نجاح تونسية بامتياز، عنوانها التحدي والانتماء، والقدرة على التحوّل من نادٍ مغمور إلى مؤسسة رياضية لها وزنها ومكانتها. وهو اليوم فخر مدينة بن قردان، وواحد من رموز كرة القدم الحديثة في تونس، التي تفتح أبواب الأمل أمام بقية الجهات المهمّشة لترسم لنفسها طريق النجاح.

تقديم الترجي الرياضي التونسي :

الترجي الرياضي التونسي، المعروف اختصارًا بـ"الترجي"، هو أحد أعرق وأكبر الأندية في تونس وفي القارة الإفريقية. تأسس النادي يوم 15 يناير 1919 في حي باب سويقة، أحد الأحياء الشعبية العريقة في العاصمة تونس، على يد مجموعة من الشباب التونسي بقيادة الشابين محمد الزواوي وهشام كاهية. وقد أطلق عليه اسم "الترجي" تيمّنًا بمقهى "الترجي" الذي كان يُعدّ مقرًا غير رسمي للاجتماعات الأولى للمؤسسين. كان التأسيس في ظل الحماية الفرنسية لتونس، وكان الهدف من إنشاء النادي دعم الرياضة الوطنية وإبراز الهوية التونسية.

منذ ذلك الحين، أصبح الترجي رمزًا من رموز الوطنية والفخر التونسي. حمل الفريق منذ بداياته ألوان الأحمر والأصفر التي أصبحت جزءًا من هوية النادي وعلامته المميزة. وقد عُرف الترجي بأنه "شيخ الأندية التونسية"، نظرًا لكونه أقدم نادٍ ما يزال قائمًا وناشطًا على مستوى عالٍ في البلاد.

في بداية مشواره، لعب الترجي في الأقسام الدنيا من البطولة المحلية خلال فترة الاستعمار، لكنه سرعان ما صعد إلى القمة بعد الاستقلال عام 1956. ويُعدّ الترجي أنجح فريق في تاريخ الدوري التونسي، حيث توّج بالبطولة التونسية أكثر من 30 مرة، متصدرًا بذلك قائمة الأندية الأكثر تتويجًا. كما حصد العديد من كؤوس تونس وشارك في مسابقات قارية وعالمية.

على الصعيد القاري، بدأ الترجي يبرز بقوة منذ التسعينات، حين فاز بدوري أبطال إفريقيا لأول مرة سنة 1994 بقيادة المدرب فوزي البنزرتي وبفضل لاعبين بارزين مثل شريف الوزاني، نوفل شبيل، والنيجيري مايكل إينيرامو. وعاد الترجي للتتويج بلقب دوري الأبطال أعوام 2011، 2018 و2019، ليصبح أحد أكثر الأندية فوزًا باللقب في شمال إفريقيا. كما فاز بكأس الكؤوس الإفريقية وكأس السوبر الإفريقي، وشارك في كأس العالم للأندية عدة مرات.

جماهير الترجي معروفة بولائها الأسطوري وعشقها اللامتناهي للفريق. تُلقب بـ"المكشخين"، وتملأ مدرجات ملعب رادس في كل مباراة تقريبًا، سواء محلية أو قارية. وتتميز بمجموعات "الألتراس" التي تقدّم عروضًا بصرية (tifos) مبهرة وتشارك في تحفيز الفريق بشعارات وأناشيد خاصة، على غرار "يا المكشخ يا عمري". هذه الجماهير تلعب دورًا كبيرًا في رفع معنويات اللاعبين وتحقيق الانتصارات.

وقد أنجب الترجي على مر العقود نخبة من أفضل اللاعبين في تونس وإفريقيا، مثل طارق ذياب الذي توّج بالكرة الذهبية الإفريقية عام 1977، زبير بيا، خالد بدرة، وسيف الدين الخاوي، إضافة إلى عدد كبير من المحترفين الأجانب الذين مرّوا عبر النادي وتركوا بصماتهم.

لم يكن الترجي مجرّد نادٍ لكرة القدم فقط، بل كان مؤسسة رياضية متعددة الاختصاصات. يمتلك الفريق أيضًا فروعًا في كرة اليد، الكرة الطائرة، وكرة السلة، وكلها أحرزت ألقابًا وطنية وقارية. ويملك النادي أكاديمية لتكوين الشبان تُعد من بين الأفضل في تونس، وتساهم في تغذية الفريق الأول والملاعب الأوروبية بالمواهب الصاعدة.

إداريًا، قاد حمدي المدّب النادي منذ سنة 2007، وأحدث نقلة نوعية في البنية التحتية والاحتراف. تحت قيادته، تطور الفريق كثيرًا على المستوى القاري وأصبح منافسًا دائمًا على الألقاب. وقد تميزت فترته بالاستقرار الإداري والفني، وبنجاحات رياضية لافتة.

الترجي أيضًا له بعد اجتماعي وثقافي. إذ لا يخفى على أحد دوره في دعم القضايا الوطنية، ومشاركته في اللحظات التاريخية لتونس، مثل دعم ثورة 2011. وهو رمز من رموز الهوية التونسية، يجمع تحت ألوانه جماهير من مختلف الطبقات والفئات، في تعبير عن وحدة رياضية وطنية.

ورغم المنافسة القوية مع بقية الأندية التونسية، وعلى رأسها النادي الإفريقي في "دربي العاصمة"، والنجم الساحلي في مباريات "الكلاسيكو"، إلا أن الترجي يبقى هو القاطرة التي تقود كرة القدم التونسية نحو المجد، بما يملكه من إمكانيات، تجربة، وجمهور عريض.

إن الترجي الرياضي التونسي ليس مجرد نادٍ رياضي، بل هو كيان متجذر في وجدان الشعب، قصة نجاح متواصلة منذ أكثر من قرن، وعنوان للإصرار والانتماء والتميز. يبقى الترجي حلم كل لاعب تونسي، ومصدر فخر لكل عاشق للمستديرة في تونس، ورمزًا خالدًا في سجلّ الرياضة الإفريقية والعربية.




تابع موقعنا عبر خدمة جوجل نيوز للحصول على أخر الأخبار الرياضية أول بأول ...