مباراة النادي الإفريقي و النجم الساحلي

 

البث المباشر في أسفل الصفحة

تقديم النادي الإفريقي :

النادي الإفريقي، أو كما يُلقّب بـ"نادي الشعب"، هو أحد أقدم وأعرق الأندية في تونس، ويُعد رمزًا رياضيًا وثقافيًا واجتماعيًا في العاصمة التونسية. تأسس سنة 1920 في قلب مدينة تونس، وتحديدًا في باب الجديد، وهي منطقة ذات رمزية كبيرة في تاريخ البلاد. لم يكن تأسيس النادي الإفريقي مجرد خطوة رياضية، بل كان فعل مقاومة حضارية ضد المستعمر الفرنسي، الذي كان يُسيطر على الرياضة في تونس من خلال فرق المستوطنين. وقد تأسس النادي ليكون أول فريق تونسي يُمنح الترخيص القانوني للممارسة رسميًا، وليُعبّر عن هوية التونسيين في وقت كانوا فيه محرومين من تمثيل أنفسهم حتى في الملاعب.

منذ بدايته، رفع النادي الإفريقي شعار الوطنية والكرامة، وجمع في صفوفه أبناء العاصمة من مختلف الأحياء والمستويات الاجتماعية. أصبح بسرعة فريقًا شعبيًا بامتياز، يُمثّل الطبقة الوسطى والفقيرة، ويُدافع عن القيم التونسية الأصيلة. وكان اللونان الأحمر والأبيض اختيارًا واعيًا، فالأحمر يرمز للدم والتضحية، والأبيض للنقاء والسلام، وهو ما جعل من شعار النادي رمزًا للكبرياء والفخر لدى جماهيره.

على المستوى الرياضي، يُعتبر النادي الإفريقي أحد أعمدة كرة القدم التونسية. تُوّج الفريق بـ13 لقبًا للبطولة التونسية، وكان أول فريق تونسي يفوز بكأس إفريقيا للأندية البطلة سنة 1991، ليُسجّل اسمه في سجل الأندية الإفريقية الكبيرة. كما تُوّج بكأس تونس 13 مرة، وحقق كأس السوبر التونسي، وعدة ألقاب ودية ودولية، مما جعله فريقًا مُهابًا داخل وخارج تونس.

ويُعد ملعب رادس معقل النادي الإفريقي، حيث يُجري مبارياته الكبرى، بينما يحتفظ ملعب المنزه بقيمة تاريخية خاصة لدى جماهيره. ويُعتبر ديربي العاصمة ضد الترجي الرياضي التونسي من أكثر المواجهات إثارة في العالم العربي والإفريقي، حيث يشهد منافسة حماسية بين عملاقين يتمتعان بقاعدة جماهيرية ضخمة. وغالبًا ما تكون مباريات الديربي محط أنظار الإعلام والمتابعين، إذ تتجاوز مجرد لقاء رياضي لتُصبح حدثًا وطنيًا بكل المقاييس.

جماهير النادي الإفريقي تُعد من الأكثر ولاءً وتأثيرًا في المشهد الرياضي التونسي والعربي. فهي جماهير لا تُقارن من حيث العدد أو الحماس، تُرافق الفريق في السراء والضراء، وتُعرف بإبداعاتها في المدرجات من خلال "الدخلات" (tifos) الرائعة، والأغاني والهتافات التي أصبحت جزءًا من ثقافة كرة القدم في تونس. وقد رفعت الجماهير في أكثر من مناسبة شعارات سياسية واجتماعية، مما جعل من مدرجات الإفريقي مساحة للتعبير والحرية والانتماء.

مرّ النادي بفترات ذهبية، خاصة في الستينات والسبعينات، حيث لمع نجوم كبار مثل الصادق ساسي "عتوقة"، أحد أفضل حراس المرمى في تاريخ تونس، وعبد المجيد الشتالي، والهادي بيه، وشريف الوزاني، وغيرهم من الأسماء التي سطرت أمجاد النادي. كما شهدت سنوات التسعينات جيلًا ذهبيًا بقيادة فوزي البنزرتي، الذي حقق الكأس الإفريقية سنة 1991، وضم لاعبين كبارًا مثل مراد العقبي، نبيل معلول، وسمير السليمي.

رغم تاريخه الكبير، لم يَخلُ مسار النادي من الأزمات، خاصة على المستوى الإداري والمالي. ففي السنوات الأخيرة، واجه الإفريقي تحديات كبرى، من ديون متراكمة، وأحكام من الفيفا، وعقوبات حرمته من الانتدابات، ما أثّر على نتائجه. ومع ذلك، ظل جمهور النادي درعًا واقيًا للفريق، حيث نظّم حملات دعم وجمع تبرعات قياسية وصلت لملايين الدنانير، في مشهد نادر الحدوث في كرة القدم العربية.

النادي الإفريقي لا يُمثّل فقط فريق كرة قدم، بل هو مؤسسة متعددة الرياضات، تنشط في كرة اليد، كرة السلة، السباحة، والرياضية النسائية، وقد حقق إنجازات كبرى في هذه الاختصاصات، أبرزها هيمنة فريق كرة اليد لعقود طويلة على المستوى الوطني والإفريقي. ويُعتبر الإفريقي نموذجًا في تكوين الشباب، حيث أنشأ مدرسة لكرة القدم أخرجت العديد من النجوم، ووفّرت قاعدة صلبة لمنتخبات تونس بجميع أصنافها.

اجتماعيًا، كان للنادي دور بارز في تكريس قيم الانتماء والمواطنة، وكان دائمًا في قلب الحراك المجتمعي. وقد انخرطت جماهيره في حملات إنسانية، مساعدات لفائدة المحتاجين، وتبرعات للمدارس والمستشفيات، مما جعل من النادي أكثر من مجرد فريق رياضي، بل رمزًا للتضامن والوعي الجماعي.

يُعد الإفريقي اليوم مدرسة في الصبر، والعطاء، والوفاء. فرغم التقلّبات، يواصل السير على نهج التحدي، بدعم أبنائه وجماهيره المنتشرة في كل أنحاء تونس، بل حتى في الخارج، حيث توجد جاليات كبيرة تُتابع الفريق بشغف، وتُدعمه معنويًا وماديًا. ومع بروز جيل جديد من المسؤولين واللاعبين، واستعادة الاستقرار التدريجي، يطمح النادي إلى العودة القوية لمنصات التتويج محليًا وإفريقيًا.

النادي الإفريقي ليس مجرد نادٍ، بل هو كيان يُجسّد هوية، تاريخ، كفاح، وحب لا يموت. سيظل صامدًا، كما كان دائمًا، لأنّه وُلد من رحم النضال، وتغذّى على عشق الجماهير، وسيبقى – رغم كل شيء – رمزًا خالدًا في الذاكرة الرياضية التونسية، وعنوانًا للفخر والانتماء لكل من عشق القميص الأحمر والأبيض.

تقديم النجم الرياضي الساحلي :

النجم الرياضي الساحلي، أو كما يُعرف اختصارًا بـ"النجم"، هو نادٍ رياضي تونسي عريق يقع مقره في مدينة سوسة، عروس الساحل التونسي. تأسس يوم 11 ماي 1925، ليكون من أوائل الأندية التي ظهرت في تونس في فترة الاستعمار، حيث كان التونسيون يبحثون عن مؤسسات تعكس هويتهم الوطنية وتُمكّنهم من التعبير عن انتمائهم الحضاري والرياضي. وقد جاء اسم النادي وشعاره – النجمة الحمراء – تعبيرًا عن الفخر والانتماء الوطني، ليُصبح لاحقًا منارة رياضية وثقافية ليس فقط في تونس بل في القارة الإفريقية.

منذ تأسيسه، حمل النجم الساحلي رسالة رياضية واجتماعية واضحة، وهي التفوق والمنافسة بشرف في جميع الرياضات، مع الحرص على تكوين لاعبين ملتزمين أخلاقيًا وبدنيًا، قادرين على رفع راية النادي في جميع المحافل. وقد حقق الفريق نجاحات بارزة على مختلف الأصعدة، محليًا وقاريًا، وتميّز بكونه الفريق التونسي الوحيد الذي فاز بجميع البطولات الإفريقية: دوري أبطال إفريقيا، كأس الكؤوس، كأس الكونفدرالية، والسوبر الإفريقي، وهي سابقة جعلت النجم في مصاف الأندية الكبرى في القارة.

على الصعيد المحلي، تُوّج النجم الساحلي بلقب البطولة التونسية أكثر من 10 مرات، وفاز بكأس تونس 10 مرات أيضًا، إلى جانب تتويجه بكأس السوبر التونسي في عدة مناسبات. وكان الفريق دائمًا منافسًا قويًا لا يُستهان به، سواء داخل ميدانه في سوسة أو خارجه. ويلعب النجم مبارياته على ملعب أولمبي سوسة، الذي يُعتبر من أبرز الملاعب في تونس، ويتميّز بجماهيره الصاخبة والحماسية التي تُطلق عليه لقب "الجحيم".

ويُعتبر جمهور النجم الساحلي من أكثر الجماهير وفاءً وشغفًا، إذ لا يتوانى في دعم فريقه داخل وخارج تونس، خاصة في المنافسات الإفريقية. وتشتهر جماهيره بروحها الرياضية، وباللوحات الفنية التي ترسمها في المدرجات، إضافة إلى تفاعلها مع قضايا النادي والمجتمع، حيث نظّمت في أكثر من مناسبة حملات تبرع ودعم مالي للنادي خلال الأزمات.

عرف النجم الساحلي عبر تاريخه نخبة من أبرز النجوم في كرة القدم التونسية، مثل برتران مارشان، رضا بالحاج, سامي الطرابلسي, عادل الشاذلي, سيد بوڤرطة, عماد المهذبي, صبري لاموشي, وخالد بدرة. كما كان النجم بوابة عبور لكثير من اللاعبين إلى الاحتراف الأوروبي، نظرًا لسمعته القارية ومشاركاته المنتظمة في المسابقات الإفريقية.

ويُعد التتويج التاريخي للنجم بلقب دوري أبطال إفريقيا سنة 2007 على حساب النادي الأهلي المصري في القاهرة من أبرز إنجازات الفريق، حيث قدّم مباراة مثالية تُوّجت بلقب طال انتظاره، وأكّد من خلاله النجم أنه نادٍ كبير قادر على مقارعة أكبر الأندية في القارة. كما تُوّج بكأس الكونفدرالية الإفريقية في نسخ 1995، 1999، 2006، و2015، مما جعله من أكثر الأندية تتويجًا بهذه المسابقة.

النجم ليس فقط نادٍ لكرة القدم، بل هو نادي متعدد الرياضات، ويضم فرقًا قوية في كرة اليد، كرة السلة، الكرة الطائرة، وألعاب القوى، وقد حقق ألقابًا عديدة في هذه الرياضات، خاصة في الكرة الطائرة التي تُعتبر من أبرز فروعه نجاحًا. هذا التعدد يُعزّز من مكانة النجم كمؤسسة رياضية متكاملة تُساهم في تكوين الرياضيين وتطوير الرياضة في الساحل التونسي.

عرف النجم الساحلي فترات من الاستقرار والتوهج، ولكن لم تخلُ مسيرته من المصاعب، خصوصًا في السنوات الأخيرة، حيث واجه مشاكل مالية وإدارية أثّرت على استقراره الفني، وأدت إلى تغييرات متكررة في الأجهزة الفنية والهيئة المديرة. ومع ذلك، يظل النجم شامخًا، بفضل تاريخه العريق، وقاعدته الجماهيرية الصلبة، وتقاليده في التكوين والانضباط.

ويُعتبر النجم مؤسسة قائمة الذات في سوسة، لا يقتصر دوره على الجانب الرياضي فقط، بل له تأثير اجتماعي وثقافي واسع. إذ يُشارك النادي في التظاهرات الاجتماعية، ويُساهم في إشعاع المنطقة، ويُوفّر فرصًا للشباب من خلال أكاديميته التي خرّجت مواهب بارزة في تونس وخارجها.

وتتميّز مباريات النجم، خصوصًا الكلاسيكو ضد الترجي الرياضي التونسي، بطابع تنافسي خاص، وهي من أكثر المواجهات انتظارًا في تونس، نظرًا لتقارب مستوى الفريقين، والتاريخ الحافل بالندية. كما يُنافس النجم فرقًا كبرى على المستوى الإفريقي والعربي، مثل الأهلي المصري، الزمالك، الوداد والرجاء المغربيين، وهو ما أعطى النادي تجربة دولية غنية وزاد من خبرة لاعبيه.

في السنوات الأخيرة، بدأت إدارة النادي في العمل على إعادة هيكلة الفريق وتحديث البنية التحتية، حيث شُرع في توسعة وتحديث ملعب سوسة، كما أُطلقت مشاريع تطوير أكاديمية الشباب، وجذب المستثمرين، في خطوة تهدف إلى وضع أسس صلبة لمستقبل مستدام.

النجم الساحلي هو أكثر من مجرد نادٍ رياضي، إنه فخر الساحل، ورمز التحدي والإصرار، وراية حمراء لا تنكسر مهما عصفت بها الأزمات. جمهوره الوفي، إنجازاته القارية، لاعبيه الكبار، وتاريخه الحافل، كلها عناصر جعلت منه أحد أعمدة الرياضة التونسية، ومصدر إلهام للأجيال القادمة. ورغم كل الصعوبات، سيظل النجم يُضيء سماء الكرة الإفريقية، نجمة لا تنطفئ.



تابع موقعنا عبر خدمة جوجل نيوز للحصول على أخر الأخبار الرياضية أول بأول ...