البث المباشر في أسفل الصفحة
تقديم الترجي الرياضي التونسي :
الترجي الرياضي التونسي، أو كما يُعرف شعبياً بـ"المكشخة"، هو نادٍ رياضي تونسي عريق تأسس يوم 15 يناير 1919 في العاصمة تونس، ويُعدّ من أقدم وأشهر الأندية في إفريقيا والعالم العربي. ارتبط اسم الترجي بالتاريخ الكروي لتونس، إذ لعب دوراً محورياً في تطور كرة القدم بالبلاد، وساهم في كتابة أمجاد الرياضة التونسية قارياً ومحلياً. نادي الترجي لا يقتصر نشاطه على كرة القدم فحسب، بل يمتد ليشمل عديد الرياضات الأخرى مثل كرة اليد، الكرة الطائرة، وكرة السلة، إلا أن كرة القدم تبقى الواجهة الأبرز للنادي والأكثر جماهيرية.
منذ نشأته، تميز الترجي الرياضي التونسي بروح التحدي والإصرار على التميز، وهو ما أهّله لأن يكون رقماً صعباً في المعادلة الرياضية التونسية. وقد حصل على أول بطولة تونسية في فترة ما قبل الاستقلال، وتحديداً في عام 1937، لتبدأ بعدها سلسلة من الإنجازات المتتالية التي جعلته سيد الأندية التونسية من حيث عدد الألقاب. يعتبر الترجي أكثر نادٍ تونسي تتويجاً بلقب البطولة الوطنية، حيث تجاوز عدد بطولاته 30 لقباً، إضافة إلى العديد من ألقاب كأس تونس وكأس السوبر.
على الصعيد القاري، بدأ الترجي مغامرته الإفريقية مبكراً، وحقق أول تتويج قاري سنة 1994 عندما فاز بلقب دوري أبطال إفريقيا بعد تغلبه في النهائي على فريق الزمالك المصري. وتوالت بعد ذلك المشاركات القارية، حيث بلغ النادي أدواراً متقدمة في أغلب البطولات الإفريقية، ونجح في تحقيق لقب دوري أبطال إفريقيا أربع مرات: 1994، 2011، 2018، و2019، كما أحرز ألقاباً أخرى مثل كأس الكؤوس الإفريقية، وكأس السوبر الإفريقي. ومن خلال هذه التتويجات، أصبح الترجي من الأندية الأكثر احتراماً على الساحة الإفريقية، وفرض اسمه بين كبار القارة.
يتميّز الترجي أيضاً بقاعدة جماهيرية واسعة وعريضة، تُعدّ الأكبر في تونس ومن بين الأكبر في العالم العربي. جماهير الترجي تُعرف بولائها الكبير للنادي ومساندتها المتواصلة، سواء داخل تونس أو خارجها، وقد شهدت ملاعب العالم لوحات استثنائية لجماهير "المكشخة" التي تملأ المدرجات بأهازيجها وألوانها المميزة بالدم والأصفر. ويمتدّ ولاء جماهير الترجي إلى الأجيال، إذ يُعتبر تشجيع الترجي إرثاً عائلياً وثقافياً في كثير من الأحياء التونسية.
يُعدّ ملعب حمادي العقربي برادس المقر الرئيسي لمباريات الترجي، وهو من بين أكبر الملاعب في إفريقيا، ويتسع لأكثر من 60 ألف متفرج. وقد شهد هذا الملعب محطات تاريخية عديدة للنادي، أبرزها تتويجه بلقب دوري الأبطال سنة 2018 بعد فوزه الشهير على الأهلي المصري بثلاثية نظيفة. ويمثل هذا الإنجاز رمزاً لتاريخ طويل من التضحيات والعزيمة والانتصارات.
من أبرز ما يميز الترجي عن غيره من الأندية، هو استقراره الإداري والتسييري، حيث يقود الفريق منذ سنوات رئيسه حمدي المدب، رجل الأعمال المعروف والذي ساهم في تطوير البنية التحتية للفريق، وتعزيز مكانته محلياً وقارياً، من خلال رؤية إدارية حديثة تعتمد على التخطيط الاستراتيجي والتكوين المستمر. وقد ساهم هذا الاستقرار في ضمان نتائج رياضية إيجابية على امتداد سنوات طويلة.
على المستوى الفني، عرف الترجي أسماء كبيرة مرّت من خلاله، سواء لاعبين أو مدربين، وبرز من بينهم أساطير مثل طارق ذياب، الذي فاز بجائزة أفضل لاعب إفريقي سنة 1977، وهو رمز حيّ من رموز الكرة التونسية. كما مرّ على الترجي مدربون كبار تركوا بصمتهم، مثل فوزي البنزرتي، معين الشعباني، ونبيل معلول، الذين قادوا الفريق إلى منصات التتويج القارية.
ورغم النجاحات الكبيرة، لم تخلُ مسيرة الترجي من الصعوبات والتحديات، حيث واجه الفريق محناً رياضية، وخيبات أمل على مستوى بعض المشاركات القارية والعالمية، مثل مشاركته في كأس العالم للأندية، حيث لم يتمكن من تجاوز الأدوار الأولى في أغلب النسخ. لكن رغم ذلك، تظل روح المنافسة العالية والرغبة في العودة أقوى، سمة ملازمة لهذا الفريق الذي لا يرضى إلا بالمقدمة.
الترجي هو أيضاً مدرسة كروية متكاملة، حيث يضم أكاديمية لتكوين الناشئين تُعدّ من بين الأفضل في إفريقيا. وقد تخرّج منها العديد من اللاعبين الذين تألقوا محلياً ودولياً، وانضموا إلى المنتخبات الوطنية، ما يجعل النادي عنصراً أساسياً في دعم الكرة التونسية بموارد بشرية متميزة. كما يشكل الترجي قاعدة مهمة لتصدير اللاعبين إلى الدوريات الأوروبية والعربية، بفضل تكوينه العالي والمستوى الذي يقدمه لاعبوه.
يُعدّ الترجي أكثر من مجرد نادٍ رياضي؛ إنه مؤسسة اجتماعية وثقافية، يلتف حولها الملايين من المحبين والمناصرين، وتحمل رسالة تتجاوز حدود الملاعب. هو فريق يجمع بين المجد الرياضي والانتماء الجماهيري والروح الوطنية. في كل لقاء يخوضه، يعبّر الترجي عن عزيمة لا تلين، ويدخل الميدان بشعار "دائماً في القمة"، وهو الشعار الذي يسعى النادي لتجسيده فعلاً لا قولاً.
اليوم، يواصل الترجي الرياضي التونسي مسيرته بثبات، مستنداً إلى تاريخه المجيد، ومدفوعاً بطموحات لا حدود لها. يطمح النادي إلى مزيد من التألق القاري والعالمي، وإلى الحفاظ على ريادته المحلية، من خلال الاستثمار في التكوين، والاعتماد على العقلية الاحترافية، وتعزيز الاستقرار الإداري والفني. وفي كل مرة، يُثبت الترجي أن النجاح لا يأتي صدفة، بل هو نتيجة للعمل والتخطيط، وروح الانتماء التي يحملها كل من يرتدي ألوانه.
وهكذا، يظلّ الترجي الرياضي التونسي علماً من أعلام كرة القدم، وسفيراً مشرفاً لتونس في المحافل الرياضية، وقصة نجاح ملهمة لكل عشاق الرياضة، بل ولجميع من يؤمن بأن المجد يُصنع بالإرادة، والتاريخ يُكتب بالعرق، والوفاء لا يُشترى. فالترجي ليس فقط نادياً، بل هو هوية، وحلم أجيال، وسيرورة لا تنتهي من المجد والعراقة.
تقديم الملعب التونسي :
الملعب التونسي، أو كما يُلقب بـ"البقلاوة"، هو أحد أعرق الأندية الرياضية في تونس، ويُعتبر رمزاً من رموز كرة القدم التونسية. تأسس النادي في 11 يناير 1948 في منطقة باردو، إحدى أقدم وأهم أحياء العاصمة التونسية، واختار لنفسه منذ البداية اللونين الأخضر والأحمر شعاراً له. تميز الملعب التونسي منذ نشأته بجمهوره الوفي، وطابعه الفني الخاص، وهو ما جعله يحظى بمكانة مرموقة في الساحة الرياضية الوطنية رغم المنافسة القوية من أندية العاصمة الأخرى مثل الترجي والنادي الإفريقي.
منذ بداياته، اختار الملعب التونسي أن يكون مختلفاً، لا فقط في أسلوب اللعب، بل في ثقافته الرياضية، إذ كان من أوائل الأندية التي أولت أهمية كبرى للتكوين والتأطير، وراهنت على المدرسة الكروية، مما جعلها خزاناً للمنتخبات الوطنية في مختلف الفئات العمرية. وقد عرف النادي نجاحات مبكرة ساعدته على فرض نفسه ضمن الأندية الكبرى، حيث نال أول لقب له في كأس تونس سنة 1955، قبل أن يتوج بأول بطولة وطنية سنة 1957، وهو إنجاز كبير لفريق حديث العهد في ذلك الوقت.
تميّز الملعب التونسي على مدى تاريخه بأسلوب لعب جماعي راقٍ يعتمد على الفنيات والمهارات، وهو ما جعله يكسب احترام الخصوم حتى في فترات التراجع. وقد مرّ من هذا النادي العريق لاعبون كبار طبعوا تاريخ الكرة التونسية، مثل عبد المجيد الشتالي، الذي كان أحد نجوم الستينات والسبعينات وقاد المنتخب الوطني كلاعب ثم كمدرب، إلى جانب لاعبين مثل حمادي العقربي (الذي لعب فترة قصيرة)، وجيلين كاملين من المواهب الذين صقلهم النادي وصدّرهم نحو أندية تونسية وأوروبية وعربية.
عرف الملعب التونسي فترة ذهبية في الستينات والسبعينات، حيث أحرز خلالها ثلاث بطولات وطنية (1957، 1961، 1962) وستة ألقاب في كأس تونس، ليصبح أحد أكثر الفرق تتويجاً بهذه الكأس في ذلك الوقت. كما عرف النادي إنجازاً قارياً سنة 1988، عندما بلغ نهائي كأس الكؤوس الإفريقية، في إنجاز تاريخي يعكس طموحه الدائم في المنافسة على المستوى الإقليمي والدولي رغم محدودية الموارد مقارنة بالأندية الكبرى.
يقع المقر الرئيسي للنادي في حي باردو، ويحتضن ملعب الشاذلي زويتن جزءاً من مباريات الفريق، وهو أحد أعرق الملاعب التونسية. وقد لعب هذا الفضاء دوراً هاماً في صقل الأجيال، وتنمية روح الانتماء للنادي، الذي يُعد جزءاً من الهوية المحلية للمنطقة. الملعب التونسي لم يكن فقط نادياً رياضياً، بل مؤسسة ثقافية واجتماعية تؤثر في محيطها وتشارك في بناء الأجيال.
عرفت مسيرة الملعب التونسي تقلّبات عديدة، حيث مرّ بفترات صعبة، من أبرزها النزول إلى الرابطة الثانية في عدة مناسبات، لكن جمهور البقلاوة ظل وفياً، وعاد الفريق سريعاً إلى مكانه الطبيعي بين الكبار. وقد عُرف عن النادي أنه مدرسة في التكوين والانضباط، وهو ما جعله يستمر رغم الإكراهات المالية والتغييرات المتكررة في الإدارة والهيئة الفنية.
إدارياً، شهد الملعب التونسي العديد من الوجوه التي ساهمت في دفعه للأمام، أبرزهم المرحوم حسان بلخوجة، أحد أبرز رؤساء النادي الذين طبعوا تاريخه، إلى جانب وجوه أخرى من رجال السياسة والاقتصاد الذين ساهموا في دعم النادي، سواء من خلال التسيير أو الرعاية. وفي السنوات الأخيرة، عملت الهيئة المديرة على تعزيز الاستقرار المالي والإداري للنادي، من خلال تطوير البنية التحتية، والعناية بالفئات الصغرى، والعمل على ترسيخ ثقافة التكوين والاحتراف.
جماهير الملعب التونسي، رغم قلة عددها مقارنة بأندية العاصمة الكبرى، إلا أنها تُعدّ من أكثر الجماهير وفاءً لناديها. فهي تتابع الفريق في السراء والضراء، وتتمسك بقيم الانتماء والروح الرياضية، وتفخر بهويتها "البقلاوية"، التي تمثل مزيجاً من الأصالة والعراقة والحب للكرة الجميلة. في كل مباراة، ترفع الجماهير أعلامها الخضراء والحمراء، وتحيي الفريق بأهازيج تخلد التاريخ وتستشرف المستقبل.
رغم غياب الألقاب الكبرى في السنوات الأخيرة، ظل الملعب التونسي رقماً صعباً في البطولة، ولا يُستهان به أمام أي منافس. كما لعب دوراً حاسماً في تطوير كرة القدم التونسية من خلال خريجيه الكثر الذين عززوا المنتخبات الوطنية، وواصلوا مسيرتهم الاحترافية في الخارج. ويُعرف النادي اليوم بتركيزه على التكوين، ومشاركته النشيطة في البطولة بـفريق يعتمد على الشباب الصاعد.
من أبرز خصائص الملعب التونسي أنه حافظ على هويته رغم التحولات، وظل وفياً لنهج كروي متكئ على اللعب النظيف وتقديم عروض ممتعة. كما يتمتع النادي بسمعة طيبة في الوسط الرياضي التونسي، ويُعرف بعلاقاته المتوازنة مع مختلف الفرق، وبتاريخه النقي من المشاكل والانزلاقات. هذا الرصيد الأخلاقي والثقافي يُعد من أهم مكاسب النادي، إلى جانب تاريخه الحافل.
اليوم، يسعى الملعب التونسي إلى استعادة أمجاده، من خلال إعادة البناء على أسس صلبة، تستمد قوتها من المدرسة الكروية التي طالما تفوق فيها، ومن ولاء جماهيره، ومن خبرة إدارته التي بدأت تخطط لمرحلة جديدة يكون فيها النادي منافساً جاداً على الألقاب، لا مجرد مشارك. وقد انطلقت فعلاً مشاريع لإعادة هيكلة الفئات السنية، وتطوير مركز التكوين، وتحسين الأداء الرياضي من خلال استقدام طاقم فني كفء قادر على توجيه الطاقات الشابة.
المستقبل بالنسبة للملعب التونسي واعد، بشرط أن يتواصل العمل والتخطيط طويل المدى، في ظل عقلية جديدة تتماشى مع متغيرات كرة القدم الحديثة، التي أصبحت تعتمد أكثر فأكثر على التكوين، التسويق، والاحتراف الحقيقي. ويطمح أحباء البقلاوة إلى أن يروا فريقهم مجدداً فوق منصات التتويج، وأن يعيشوا لحظات المجد كما كانت في الماضي، في كنف روح المنافسة الشريفة، والانتماء العميق.
وهكذا، يظلّ الملعب التونسي نادياً كبيراً، بتاريخه، بأبنائه، بجماهيره، وبقيمه. هو ليس مجرد نادٍ يشارك في البطولات، بل هو مكوّن أساسي من الذاكرة الرياضية التونسية، ورافد من روافد الإبداع الكروي. وهو مستعد دائماً للعودة بقوة، لأن تاريخه يشهد أنه لا يغيب طويلاً، وأن جذوره في باردو عميقة، وأن شغف "البقلاوة" لا ينطفئ.