البث المباشر للمباراة في أسفل الصفحة
تقديم المنتخب الوطني التونسي :
المنتخب التونسي لكرة القدم، الملقب بـ"نسور قرطاج"، هو أحد أعمدة الكرة الإفريقية والعربية، ويمثل رمزًا للفخر والانتماء لدى الشعب التونسي. تأسس الاتحاد التونسي لكرة القدم سنة 1957، بعد سنة واحدة من الاستقلال، ليبدأ المنتخب مشواره الرسمي في عالم المستديرة. كانت أولى مبارياته الرسمية في عام 1957 ضد منتخب الجزائر، حيث أظهر منذ بدايته روحًا قتالية عالية ورغبة في التمثيل المشرف للوطن.
شارك المنتخب التونسي في نهائيات كأس الأمم الإفريقية لأول مرة سنة 1962، وحقق فيها المركز الثالث، وهو ما شكّل انطلاقة قوية على المستوى القاري. ومنذ ذلك الحين، ظل المنتخب حاضرًا بانتظام في منافسات القارة السمراء، ووصل إلى المباراة النهائية في نسخ 1965، 1996، قبل أن يتوج باللقب الأغلى في تاريخه سنة 2004 عندما احتضنت تونس البطولة، بقيادة المدرب الفرنسي روجي لومير، وبفضل جيل ذهبي يضم لاعبين مثل زياد الجزيري، كريم حقي، حاتم الطرابلسي، وخالد بدرة. توج المنتخب باللقب بعد فوزه في النهائي على المغرب بهدفين لهدف في ملعب رادس المكتظ بالجماهير.
على مستوى كأس العالم، شارك المنتخب التونسي لأول مرة في مونديال الأرجنتين سنة 1978، وحقق إنجازًا تاريخيًا عندما فاز على المكسيك بثلاثة أهداف لهدف، ليصبح أول منتخب إفريقي يحقق انتصارًا في تاريخ كأس العالم، فاتحًا الباب أمام منتخبات القارة السمراء لإثبات وجودها عالميًا. منذ ذلك الحين، تأهل المنتخب إلى كأس العالم ست مرات (1998، 2002، 2006، 2018، 2022)، لكنه لم ينجح بعد في تجاوز دور المجموعات، رغم العروض المشرفة التي قدمها في بعض المباريات، لا سيما أمام بلجيكا وإنجلترا.
عرف المنتخب التونسي عبر تاريخه بامتلاكه مواهب كروية متميزة، ساهمت في رفع اسم تونس عاليًا في المحافل الدولية. من بين أبرز الأسماء التي تألقت مع النسور نذكر طارق ذياب، الذي فاز بالكرة الذهبية الإفريقية سنة 1977، وكان أحد أساطير الكرة التونسية في جيله. كما برز نجوم مثل يوسف المساكني، وهبي الخزري، علي معلول، حنبعل المجبري، وعصام الجبالي، الذين ساهموا في تحسين أداء المنتخب في السنوات الأخيرة، خصوصًا في مونديال روسيا 2018 ومونديال قطر 2022.
من الناحية التكتيكية، اشتهر المنتخب التونسي بأسلوب لعب منظم يعتمد على الانضباط الدفاعي والهجمات المرتدة السريعة، وغالبًا ما يتميز بروح جماعية وقتالية عالية، حتى أمام منتخبات كبرى. وقد شهد المنتخب عبر تاريخه العديد من المدربين المحليين والأجانب، بعضهم ترك بصمة واضحة مثل لومير، نبيل معلول، فوزي البنزرتي، وجلال القادري.
رغم الانتقادات التي توجه أحيانًا لأداء المنتخب، إلا أن نسور قرطاج يظلون عنوانًا لوحدة الجماهير التونسية التي تلتف خلفهم في كل محفل، خصوصًا خلال المنافسات القارية والدولية. الجماهير التونسية تُعرف بحماسها الكبير وتعلقها الشديد بالمنتخب، حيث تملأ المدرجات بالأعلام الحمراء والبيضاء، وتهتف بقوة للاعبين، ما يشكل دافعًا نفسيًا مهمًا للفريق.
المنتخب التونسي لا يمثل فقط واجهة رياضية، بل هو عنصر فاعل في تكوين الهوية الوطنية وصورة البلاد في الخارج. في كل مرة يخوض فيها مباراة، تتحول تونس إلى عرس كروي يجمع الكبير والصغير، وتتوقف الحياة لساعات في بعض الأحيان، لمتابعة مجرياتها وتفاصيلها. كما أن نتائج المنتخب كثيرًا ما تؤثر على المزاج العام للمجتمع التونسي، حيث يفرح الناس للانتصارات، ويغضبون عند الخسائر، ما يعكس عمق العلاقة العاطفية بين الشعب ومنتخبه.
من جهة أخرى، ساهم المنتخب في بروز عدة لاعبين محترفين في الدوريات الأوروبية والخليجية، وهو ما أدى إلى رفع مستوى الكرة التونسية بشكل عام. كما أن وجود لاعبين مزدوجي الجنسية منح الإضافة في بعض الفترات، حيث اختار العديد من اللاعبين المولودين في فرنسا أو ألمانيا تمثيل تونس دوليًا، مثل يوهان بن علوان، وهبي الخزري، أو مؤخرًا إلياس السخيري وعيسى العيدوني، ما شكل مزيجًا ناجحًا بين الخبرة والتكوين الأوروبي والانتماء الوطني.
تُعد أكاديمية قرطاج الرياضية، وأندية مثل الترجي، النجم الساحلي، النادي الإفريقي، والصفاقسي، بمثابة الحاضنة الأساسية للمواهب، وهي التي تمد المنتخب سنويًا بلاعبين قادرين على تمثيل الألوان الوطنية. كما أن التنسيق بين الجامعة التونسية لكرة القدم والأندية، رغم التحديات، يشهد تحسنًا في السنوات الأخيرة.
من أبرز محطات المنتخب الأخيرة مشاركته في كأس العرب 2021 التي نظمت في قطر، حيث بلغ النهائي وقدم أداءً قويًا قبل أن يخسر بصعوبة أمام الجزائر. كما قدّم أداء محترمًا في كأس الأمم الإفريقية الأخيرة، لكنه لم ينجح في تجاوز الدور ربع النهائي، ما فتح المجال أمام مطالب جماهيرية بضرورة تجديد دماء الفريق وتطوير الأداء.
في الختام، يمكن القول إن المنتخب التونسي لكرة القدم هو أكثر من مجرد فريق رياضي، إنه مرآة لآمال وأحلام الملايين من التونسيين، وسفير يحمل علم تونس في المحافل العالمية. ومع توفر جيل جديد من اللاعبين الواعدين، والتخطيط السليم من قبل الإدارة الفنية، يبقى الأمل كبيرًا في أن نرى النسور تُحلّق يومًا ما في سماء المجد العالمي، وتحقق إنجازات غير مسبوقة تخلّدها كتب التاريخ الرياضي التونسي والعالمي.
تقديم المنتخب النيجيري :
المنتخب النيجيري لكرة القدم، المعروف بلقب "النسور الخضر"، يُعد من أقوى المنتخبات في القارة الإفريقية وأكثرها تأثيرًا وشعبية، سواء على الصعيد القاري أو العالمي. تحت إشراف الاتحاد النيجيري لكرة القدم، الذي تأسس عام 1945، بدأ المنتخب مشواره الدولي في منتصف القرن العشرين، ومنذ ذلك الحين، أصبح رمزًا للكرة الإفريقية وواحدًا من أبرز ممثليها على الساحة الدولية.
شارك المنتخب النيجيري في كأس الأمم الإفريقية للمرة الأولى عام 1963، لكنه لم يحقق نتائج لافتة آنذاك. ومع مرور الوقت، تطور مستواه ليصبح من كبار القارة، حيث تُوّج باللقب القاري ثلاث مرات: في عام 1980 على أرضه، وفي 1994 بتونس، وأخيرًا في 2013 بجنوب إفريقيا، تحت قيادة المدرب ستيفن كيشي، أحد أبرز نجوم نيجيريا السابقين. كما حل وصيفًا عدة مرات (1984، 1988، 1990، 2000)، ما يؤكد استمرارية المنتخب في المنافسة على أعلى المستويات القارية.
أما على المستوى العالمي، فقد عرفت نيجيريا انطلاقتها الحقيقية في الساحة الدولية منذ التأهل الأول إلى كأس العالم سنة 1994 في الولايات المتحدة، حيث حققت مفاجأة كبيرة بوصولها إلى دور الـ16، بعد أن تصدرت مجموعتها التي ضمت الأرجنتين وبلغاريا واليونان. في ذلك المونديال، أبهرت نيجيريا العالم بأدائها الهجومي السريع ومهارات لاعبيها، خصوصًا راشيدي يكيني، جاي جاي أوكوشا، دانييل أموكاشي، وبيتر روفاي، لتصبح منذ ذلك الحين من الأسماء الثابتة في كؤوس العالم، حيث شاركت في أغلب النسخ (1994، 1998، 2002، 2010، 2014، 2018).
أكثر ما يميز المنتخب النيجيري هو غزارة المواهب الكروية التي تنتجها البلاد سنويًا. فالبلاد، التي تُعد من الأكثر سكانًا في إفريقيا، تمتلك قاعدة جماهيرية ضخمة وبنية تحتية رياضية جيدة نسبيًا، كما أن العديد من لاعبيها ينشطون في أكبر الدوريات الأوروبية، لا سيما في إنجلترا، فرنسا، وإيطاليا. ومن أبرز اللاعبين التاريخيين نذكر: نوانكو كانو، الذي فاز بجائزة أفضل لاعب في إفريقيا مرتين، ولعب لأندية كبرى مثل أرسنال وإنتر ميلان، وجاي جاي أوكوشا، الذي اعتبر من أكثر اللاعبين مهارة في جيله، وصنع المتعة في الملاعب بفضل تقنياته الاستثنائية.
أما في العصر الحديث، فيضم المنتخب النيجيري أسماءً قوية مثل فيكتور أوسيمين، هدّاف نابولي الإيطالي وأحد أبرز المهاجمين في العالم، ويلفريد نديدي نجم ليستر سيتي، وأليكس أيوبي، بالإضافة إلى حارس المرمى المتألق فرانسيس أوزوهو. هؤلاء اللاعبون يمثلون الجيل الجديد الذي تسعى نيجيريا لبنائه من أجل استعادة أمجادها القارية وتحقيق حلم التألق في كأس العالم.
الكرة النيجيرية لا تُعرف فقط على مستوى المنتخبات الأولى، بل تملك باعًا طويلاً في الفئات السنية، حيث توجت نيجيريا ببطولة كأس العالم تحت 17 سنة خمس مرات (1985، 1993، 2007، 2013، 2015)، وهو رقم قياسي عالمي، كما فازت بكأس العالم تحت 20 سنة في 1989 و2005، ما يدل على أن نيجيريا بلد كروي بامتياز، يزخر بالمواهب التي تنتظر الفرصة لتتألق عالميًا.
أحد أبرز إنجازات المنتخب النيجيري تاريخيًا كان الظفر بالميدالية الذهبية في دورة الألعاب الأولمبية عام 1996 في أتلانتا، بعد أن تغلب على منتخبات قوية مثل البرازيل والأرجنتين، في بطولة خلدت في ذاكرة كرة القدم الإفريقية والعالمية. وكررت نيجيريا إنجازًا مقاربًا سنة 2008 عندما فازت بالميدالية الفضية في أولمبياد بكين.
الجماهير النيجيرية معروفة بشغفها الكبير بكرة القدم، حيث تتحول مباريات المنتخب إلى مهرجانات وطنية، سواء داخل البلاد أو في الجاليات النيجيرية المنتشرة في أنحاء العالم. علم نيجيريا الأخضر يرفرف بكثافة، وتصدح الأغاني والأهازيج في الملاعب والشوارع. كما أن كرة القدم تُعد وسيلة توحيد وطنية في بلد متعدد الأعراق والديانات مثل نيجيريا.
رغم بعض التحديات، مثل التدخلات الإدارية، نقص الاستقرار الفني، أو الصراعات بين الاتحاد والمدربين، إلا أن المنتخب يظل من الأكثر تنظيمًا في إفريقيا، ويملك طموحات واضحة في الوصول إلى مراحل متقدمة في البطولات الكبرى. وقد تعاقب على تدريب النسور الخضر العديد من المدربين المحليين والأجانب، أبرزهم كليمنس فيسترهوف، ستيفن كيشي، جيرنوت روهر، وغيرهم.
المنتخب النيجيري لم يُعرف فقط بأدائه الفني، بل كذلك بقدرته على إنتاج لاعبين متكاملين بدنيًا وتقنيًا، ما جعله خصمًا صعبًا لأي منتخب في العالم. حتى في مواجهاته ضد الكبار مثل الأرجنتين، البرازيل، أو فرنسا، كثيرًا ما يقدم أداءً قويًا، ويكون نداً لا يُستهان به، كما حدث في مونديال 2014 عندما خسر بصعوبة أمام فرنسا في دور الـ16.
المنتخب أيضًا يستفيد من دعم حكومي كبير واهتمام إعلامي واسع، كما أن اللاعبين يعتبرون من الشخصيات البارزة في المجتمع النيجيري، ويُنظر إليهم كنماذج للنجاح وتحقيق الأحلام. هذا التقدير ينعكس في المبادرات الاجتماعية التي يطلقها بعض اللاعبين، مثل تأسيس الأكاديميات الرياضية أو تمويل المشاريع الخيرية.
ومع ارتفاع سقف الطموحات، يأمل الشعب النيجيري أن يرى منتخبه يحقق إنجازًا تاريخيًا في كأس العالم، كبلوغ نصف النهائي أو النهائي، وهو حلم يبدو صعبًا لكنه ليس مستحيلاً بالنسبة لبلد أنتج أعظم النجوم، ويملك البنية البشرية والرياضية لتحقيقه. المستقبل يبدو مشرقًا، والنسور الخضراء تواصل التحليق نحو قمم جديدة، في انتظار أن تتحول الطموحات إلى واقع ملموس.