مباراة الإتحاد المنستيري و النادي الإفريقي

البث المباشر في أسفل الصفحة

تقديم الإتحاد المنستيري :

الاتحاد الرياضي المنستيري، أو كما يُطلق عليه جماهيريًا "الاتحاد"، هو أحد أعرق الأندية التونسية وأكثرها حضورًا وتأثيرًا، وهو يمثل مدينة المنستير الساحلية العريقة التي تطل على البحر الأبيض المتوسط وتزخر بتاريخ حضاري وثقافي عريق. تأسس النادي سنة 1923 تحت اسم "رئيس النادي"، ثم اتخذ اسمه الحالي سنة 1942، ليُصبح على مر العقود رمزًا رياضيًا وثقافيًا واجتماعيًا للمنطقة ككل، ومصدر فخر واعتزاز لكل المنستيريين والتونسيين عمومًا.

الاتحاد الرياضي المنستيري ليس مجرد نادٍ لكرة القدم، بل هو مؤسسة متعددة الرياضات، تنشط في كرة السلة، وكرة اليد، وألعاب القوى وغيرها، وقد حقق من خلالها نجاحات كبيرة، خاصة في كرة السلة التي يُعتبر فيها من أقوى الفرق على المستوى الوطني والإفريقي. إلا أن القسم الأبرز من شهرة الاتحاد جاء من قسم كرة القدم، حيث خاض النادي سنوات طويلة بين الصعود والهبوط، قبل أن يثبت أقدامه بقوة في الرابطة المحترفة الأولى ويبدأ رحلة التميز الحقيقي، خاصة في العقد الأخير.

شهد الفريق نهضة كبيرة ومُلفتة خلال المواسم الأخيرة، بفضل تظافر الجهود بين الإدارة، الطاقم الفني، اللاعبين، والجماهير. وقد تُوّج هذا العمل الجاد بإنجاز تاريخي في موسم 2019–2020 عندما فاز الفريق بأول لقب في تاريخه وهو كأس تونس، بعد أداء مميز أقصى فيه عديد الفرق الكبرى، ليُتوّج في النهاية على حساب الترجي الرياضي التونسي بنتيجة 2-0، في مباراة كانت استثنائية بكل المقاييس. هذا الإنجاز لم يكن فقط انتصارًا كرويًا، بل كان أيضًا لحظة فرح جماعي لم تشهد لها المدينة مثيلاً منذ عقود، إذ نزلت الجماهير إلى الشوارع احتفالًا بإنجاز طال انتظاره.

وعلى الصعيد القاري، شارك الاتحاد المنستيري لأول مرة في تاريخه في كأس الكونفدرالية الإفريقية، وقدّم أداءً مشرّفًا، مما عزّز من مكانته بين كبار الأندية الإفريقية وفتح له آفاقًا جديدة نحو الاحتراف والمنافسة على الساحة الدولية. وقد أظهر الفريق خلال هذه المشاركات شخصية قوية، وثقة كبيرة، وتنظيمًا تكتيكيًا مميزًا يعكس تطورًا نوعيًا في مستواه الفني والإداري.

الجمهور المنستيري يلعب دورًا محوريًا في نجاح الفريق، فهو جمهور وفيّ، راقٍ في تشجيعه، ملتف حول ناديه في كل الظروف، سواء في المدرجات أو عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، مما جعل من الاتحاد أكثر من مجرد نادٍ رياضي، بل مشروعًا اجتماعيًا يُمثل وحدة المدينة وتكافلها. كما أن ملعب مصطفى بن جنات، الذي يُعد من أجمل الملاعب في تونس، يُشكل قلعة حقيقية للاتحاد، حيث شهد ملاحم وانتصارات تبقى خالدة في ذاكرة الجماهير.

الإدارة الحالية للاتحاد، بقيادة مسيرين محنكين، سعت إلى ترسيخ ثقافة التسيير الاحترافي والتكوين القاعدي، حيث تم تطوير مركز التكوين وصقل المواهب المحلية، مما أفرز لاعبين واعدين يُنتظر منهم أن يكونوا نواة مستقبل الفريق والكرة التونسية عمومًا. كما تم تعزيز الفريق بأسماء وازنة من تونس وخارجها، وهو ما جعل من الاتحاد خصمًا قويًا ومنافسًا حقيقيًا للبطولات في تونس.

في النهاية، يُعتبر الاتحاد الرياضي المنستيري نموذجًا للنهوض الرياضي المتكامل، فهو نادٍ عريق لم يتكئ فقط على تاريخه، بل راهن على العمل، والاحتراف، والرؤية المستقبلية، ليُصبح من الأندية الكبرى التي يُحسب لها ألف حساب. هو نادٍ وُلد من رحم المدينة، يحمل طموحاتها، وينبض بحبها، وسيظل دائمًا عنوانًا للأمل، للانتماء، وللنجاح الذي يتحقق بالإصرار والتضحية والوفاء.

تقديم النادي الإفريقي :

النادي الإفريقي، أو كما يُلقّب اختصارًا بـ"الإفريقي"، هو أكثر من مجرّد نادٍ رياضي، بل هو مؤسسة وطنية تونسية عريقة وراسخة في الوجدان الشعبي، وله تاريخ مجيد يمتد لأكثر من قرن من الزمان. تأسس الفريق يوم 4 أكتوبر 1920 في قلب العاصمة تونس، في حي "باب الجديد"، وهو حي شعبي ينبض بالحياة، وقد جاء تأسيسه كردّ فعل على التهميش والعنصرية الاستعمارية الفرنسية في تلك الفترة، حيث كان يُمنع على التونسيين تأسيس أندية تحمل رموزًا وطنية، لذا جاء اختيار الاسم “النادي الإفريقي” وارتداء الألوان الحمراء والبيضاء كتعبير مباشر عن الانتماء التونسي، والهوية الوطنية، والمقاومة الثقافية من خلال الرياضة.

منذ ذلك الحين، تحوّل النادي الإفريقي إلى أحد أهم وأعرق أندية تونس، وإلى رمز من رموز السيادة والتحدي والفخر الوطني. ويُعتبر أول فريق تونسي يتحصل على كأس تونس بعد الاستقلال، سنة 1965، وهو أول فريق تونسي يفوز بكأس إفريقية، وذلك سنة 1991 عندما تُوّج بلقب دوري أبطال إفريقيا، بعد مسيرة تاريخية ختمها بانتصار كبير على فريق شبيبة القبائل الجزائري في ملعب المنزه، وسط أجواء أسطورية لا تزال محفورة في ذاكرة جماهيره.

يملك النادي الإفريقي خزينة زاخرة بالألقاب، فقد تُوّج بعدة بطولات دوري تونسي، وعدد كبير من كؤوس تونس، بالإضافة إلى تتويجات عربية وإفريقية جعلته يحظى بمكانة مرموقة قارّيًا. ولكن ما يميّز النادي الإفريقي حقًا ليس فقط تتويجاته، بل جماهيريته الجارفة، حيث يتمتع بقاعدة جماهيرية ضخمة وعريضة تمتد عبر كامل التراب التونسي، وفي الخارج أيضًا. جمهور الإفريقي معروف بولائه الأسطوري، وبتعلّقه الشديد بفريقه مهما كانت الظروف، وقد ضرب أروع الأمثلة في الدعم والمساندة، سواء في أوقات المجد أو في أوقات الأزمات، حيث ملأ الملاعب، ورفع أعلام الفريق في كل مكان، وساهم حتى من ماله الخاص في إنقاذ الفريق من أزمات مالية خانقة.

ويُعدّ ملعب رادس مسرحًا للأمجاد الحمراء والبيضاء، حيث تحتشد الجماهير بالآلاف لتدعم فريقها، وتُبهر الجميع بالـ"كوريوغرافي" المُبهر والأهازيج الحماسية، ما يجعل مباريات الإفريقي أشبه بمهرجانات شعبية رياضية، تُعبّر عن هوية النادي ومكانته في قلوب التونسيين. ومن أبرز خصائص جماهيره هي الذاكرة الجمعية القوية، فالانتماء للنادي يُورّث بين الأجيال، ويُصبح جزءًا من الهوية العائلية والثقافية.

النادي الإفريقي لا ينشط فقط في كرة القدم، بل يُعتبر من أنجح الأندية التونسية في مختلف الفروع، خاصة كرة اليد وكرة السلة، حيث يمتلك سجلاً حافلاً بالبطولات والتتويجات الوطنية والدولية. فرع كرة اليد، تحديدًا، من بين الأنجح في إفريقيا والعالم العربي، حيث تُوّج الفريق بعشرات البطولات والكؤوس، وشارك في العديد من البطولات القارية والعالمية، وخرّج أجيالاً من اللاعبين الذين رفعوا راية تونس عاليًا.

ورغم التحديات الكبيرة التي مرّ بها النادي خلال السنوات الأخيرة، سواء من حيث الديون، أو العقوبات من الفيفا، أو الصراعات الإدارية المتكررة، فإن روح الإفريقي لم تمُت أبدًا، بل ظلّ الفريق واقفًا على قدميه، بفضل جمهوره ومحبّيه الذين لم يتخلّوا عنه، بل ساهموا بشكل مباشر في إخراجه من أزماته، عبر تبرعات وحملات دعم لم يسبق لها مثيل في تاريخ كرة القدم التونسية.

وإذا كان النادي الإفريقي هو أحد أعمدة "الثالوث الكروي" في تونس إلى جانب الترجي الرياضي التونسي والنجم الساحلي، فإنّ له ميزة خاصة في قلوب محبّيه، لأنه يُجسّد الكرامة، الكبرياء، الروح النضالية، والانتماء الشعبي. وقد أنجب الفريق عديد النجوم التاريخيين الذين تركوا بصماتهم محليًا ودوليًا، مثل الطاهر شريف الوزاني، فوزي الرويسي، جمال الدين حليوة، خالد حسني، عادل السليمي، صابر خليفة، زهير الذوادي، وغيرهم.

النادي الإفريقي اليوم، برغم العثرات، لا يزال فريقًا يُرعب الخصوم ويصنع الحدث، ومشروعه الرياضي لا يقتصر على اللحظة، بل يحمل طموحًا متجددًا للعودة إلى الواجهة الوطنية والإفريقية، وهو ما يُؤمن به الأحباء الذين لا يتوقفون عن الحلم بمستقبل مشرق يليق بتاريخ هذا العملاق الأحمر والأبيض.



 

تابع موقعنا عبر خدمة جوجل نيوز للحصول على أخر الأخبار الرياضية أول بأول ...