البث المباشر في أسفل الصفحة
تقديم الإتحاد الرياضي المنستيري :
الاتحاد الرياضي المنستيري، المعروف اختصارًا بـ "الاتحاد المنستيري"، هو أحد أعرق الأندية الرياضية في تونس، ومقرّه مدينة المنستير الساحلية الواقعة في الساحل الشرقي التونسي. تأسّس النادي رسميًا سنة 1923 تحت اسم "الجمعية الرياضية للمنستير"، وكان من أوائل الفرق التي نشأت في فترة الاستعمار الفرنسي، حيث لعب دورًا مهمًا في تعزيز الروح الوطنية والمقاومة الثقافية من خلال الرياضة. بعد الاستقلال، تم تغيير اسم النادي إلى "الاتحاد الرياضي المنستيري" ليعكس روح الوحدة والانتماء الوطني.
منذ بداياته، عرف الاتحاد المنستيري بتقاليده الراسخة في الانضباط، العمل الجاد، والتكوين القاعدي. لم يكن نادٍ يبحث فقط عن الألقاب، بل اهتم بتكوين جيل شاب قادر على تمثيل مدينة المنستير بأفضل صورة، سواء داخل تونس أو خارجها. النادي متعدّد الفروع، غير أن فرع كرة القدم يظلّ الأكثر شهرة وشعبية بين جماهيره.
يتميّز الاتحاد المنستيري بقاعدته الجماهيرية الوفية التي لم تتخلّ عنه حتى في أصعب الفترات. فقد عانى النادي، كغيره من الفرق التونسية، من صعود وهبوط بين الأقسام، لكنه دائمًا ما وجد السند في جمهوره الذي يعتبر من بين الأكثر انضباطًا وحبًا للنادي في تونس. تُعرف جماهير الاتحاد بلقب "Les Bleus" نسبة إلى اللون الأزرق الذي يميز أزياء الفريق، وغالبًا ما تملأ مدرّجات ملعب مصطفى بن جنات بالأهازيج والتشجيعات التي تعكس روح المدينة.
على مستوى الإنجازات، يعتبر لقب كأس تونس سنة 2020 أبرز إنجاز في تاريخ الفريق، حيث تمكن من التتويج على حساب الترجي الرياضي التونسي في مباراة مثيرة انتهت بنتيجة 2-0، ليُسجّل اسمه بأحرف من ذهب في سجل الأندية التونسية. هذا التتويج مثّل لحظة تاريخية للمنستير وأهلها، وفتح الباب أمام مشاركة الفريق لأول مرة في المسابقات الإفريقية. بالفعل، شارك الاتحاد المنستيري في كأس الكونفدرالية الإفريقية، وقدّم أداءً مشرّفًا جعل اسمه يُتداول في الأوساط الرياضية القارية كأحد الفرق القادمة بقوة.
من الناحية الإدارية، شهد الفريق تطوّرًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة بفضل رؤية واضحة من المسؤولين، حيث تم التركيز على تكوين الشبان، تطوير البنية التحتية، وجلب عناصر ذات جودة من المدربين واللاعبين. يُعتبر ملعب مصطفى بن جنات القلب النابض للنادي، بسعته التي تتجاوز 20 ألف متفرج، ويُعد من بين الملاعب الجميلة في تونس بموقعه القريب من البحر ومناخه المثالي لممارسة كرة القدم.
للفريق أيضًا مساهمات مهمة في تكوين لاعبين بارزين مثل علي معلول، الذي برز في المنستير قبل أن ينتقل إلى النادي الصفاقسي ثم إلى الأهلي المصري، حيث أصبح أحد أفضل اللاعبين في إفريقيا في مركز الظهير الأيسر. الاتحاد المنستيري يُعرف أيضًا بتوفير الفرصة للشباب من أبناء الجهة، ما جعله قاعدة لتفريخ المواهب باستمرار.
من جهة أخرى، يتمتع النادي بعلاقات طيبة مع أندية تونسية عديدة، كما يعمل على تعزيز التبادل والتعاون مع الفرق الإفريقية والعربية، وهو ما يظهر من خلال مشاركته في دورات ودية، تربصات خارجية، ومباريات دولية.
النادي ليس فقط فريق كرة قدم، بل مؤسسة رياضية وثقافية واجتماعية تلعب دورًا مهمًا في المجتمع المنستيري. يُنظم الاتحاد نشاطات اجتماعية وتربوية، كما يدعم الجمعيات المحلية ويشارك في حملات توعية وبيئية، مما يجعله رمزًا للمواطنة والمسؤولية المجتمعية.
من حيث الهوية، يتمتع الاتحاد المنستيري بأسلوب لعب جماعي ومنظم، وغالبًا ما يُشيد النقاد الرياضيون بطريقة أدائه المتّزنة والانضباط التكتيكي الذي يطبعه في مبارياته. يتميّز الفريق كذلك بروح القتالية العالية، خاصة عندما يلعب أمام جماهيره، ما يجعله خصمًا صعبًا لأي فريق في الدوري التونسي.
أما على صعيد المدربين، فقد مرّ على النادي أسماء مهمة تركت بصمتها، مثل لسعد جردة الشابي، الذي قاد الفريق للفوز بكأس تونس وحقق معه مشاركة ناجحة في المسابقات الإفريقية، قبل أن ينتقل إلى الرجاء البيضاوي المغربي. كما درّب الفريق في السنوات الأخيرة مدرّبون تونسيون وأجانب، كلّهم ساهموا في بناء مشروع رياضي قائم على التوازن بين النتائج وتطوير المواهب.
بالنسبة للموسم الحالي، يواصل الاتحاد المنستيري تقديم عروض قوية في البطولة التونسية، ويُعد من بين الفرق التي تنافس على مراكز متقدّمة في الترتيب، بفضل سياسة انتدابات ناجحة وتوازن في جميع الخطوط. كما يتم التركيز على الصعود إلى دوري أبطال إفريقيا، وهو حلم لطالما راود جماهير الفريق التي ترى أن الوقت قد حان للانتقال إلى مستوى أعلى.
ختامًا، يمكن القول إن الاتحاد الرياضي المنستيري ليس مجرد فريق كرة قدم، بل هو كيان يحمل تاريخًا عريقًا، ويعكس طموحات مدينة كاملة تسعى لأن ترى اسمها في القمم. ورغم المنافسة الشرسة في الكرة التونسية، فإن الاتحاد يثبت سنة بعد سنة أنه فريق قادر على ترك البصمة، ليس فقط داخل الميدان بل خارجه أيضًا، من خلال التسيير المحترف والانخراط في قضايا المجتمع. يبقى الاتحاد المنستيري مثالًا لنادٍ تونسي يجمع بين الأصالة والطموح، بين الوفاء والانفتاح على المستقبل.
تقديم الملعب التونسي :
الملعب التونسي، المعروف اختصارًا بـ"البقلاوة"، هو واحد من أعرق وأقدم الأندية الرياضية في تونس، تأسس سنة 1948 بمنطقة باردو، أحد أحياء العاصمة تونس. ومنذ تأسيسه، أصبح هذا النادي جزءًا لا يتجزأ من المشهد الرياضي التونسي، ليس فقط من حيث الإنجازات، بل أيضًا من حيث مساهماته في تكوين أجيال من اللاعبين والمدربين والإداريين الذين تركوا بصمتهم في تاريخ كرة القدم التونسية.
يُعرف الملعب التونسي بألوانه التقليدية: الأخضر والأحمر، وهي ألوان أصبحت رمزية لدى جماهيره الوفية التي رافقته في كل المحطات، في الأفراح كما في الأوقات العصيبة. ومنذ نشأته، أراد الملعب التونسي أن يكون مختلفًا، فكان من أوائل الفرق التي اعتمدت على مدرسة تكوين حقيقية للشباب، وهو ما جعله يُلقب بـ"فريق المواهب" و"المدرسة".
الملعب التونسي لم يكن فقط نادٍ للمنافسة، بل كان أيضًا رافدًا حقيقيًا للمنتخب التونسي، حيث تخرّج من صفوفه عدد من أبرز لاعبي المنتخب، مثل حمادي العقربي، طارق ذياب، أحمد المغيربي، وبلحسن الصغير، وغيرهم من الأسماء التي أضاءت سماء الكرة التونسية، محليًا وقاريًا.
أما على مستوى التتويجات، فقد حصد الفريق 3 بطولات تونسية سنوات 1958، 1961 و1962، إلى جانب 6 كؤوس تونس سنوات 1956، 1958، 1960، 1962، 1989 و2003، ما يجعله واحدًا من أكثر الفرق تتويجًا بالكأس. ويُعتبر الملعب التونسي كذلك من بين الأندية القليلة التي لم تهبط إلى الدرجة الثانية إلا في مناسبات نادرة، وكان يعود دائمًا بسرعة إلى مصاف النخبة، بفضل روح المقاومة والطموح.
ملعب الفريق، المعروف بـ"ملعب باردو"، يُعدّ من الملاعب التاريخية في تونس. وعلى الرغم من تواضع سعته مقارنة بالفرق الكبرى، إلا أن أجواءه الحماسية تعكس مدى ارتباط الجماهير بهذا الصرح. وقد شهد هذا الملعب لحظات مجد للفريق، كما احتضن مباريات لا تُنسى في تاريخ الكرة التونسية.
جماهير الملعب التونسي لها طابع خاص، تُعرف بولائها اللامحدود، حيث ترفع دائمًا شعار: "في القلب يا بقلاوة". حتى في الأوقات الصعبة، تبقى هذه الجماهير سندًا حقيقيًا للفريق، وتُعبّر عن حبّها من خلال تنظيمات "أولتراس البقلاوة"، التي أصبحت من العناصر الفاعلة في المشهد الكروي المحلي من خلال الأهازيج، اللافتات، والتيفوهات.
من الجانب الإداري، مر النادي بفترات من الاستقرار وأخرى من الاضطراب، كحال أغلب الأندية التونسية، لكنه يظل محافظًا على كيانه بفضل أسماء من أبناء النادي الذين ضحّوا بالغالي والنفيس من أجل استمراره. ويُذكر أن عائلة العيادي والتركي كانتا من العائلات التي ساهمت تاريخيًا في دعم النادي ماليًا وتنظيميًا، إضافة إلى وجوه رياضية مرموقة تولّت رئاسة الفريق في محطات مختلفة.
في السنوات الأخيرة، ورغم صعوبة المنافسة المالية أمام أندية ذات ميزانيات ضخمة، حافظ الملعب التونسي على فلسفة التكوين وتطوير المواهب. وتمكّن من اكتشاف أسماء شابة سرعان ما انتقلت إلى فرق كبرى أو احترفت خارج تونس. هذه السياسة جعلت منه خزّانًا مهمًا للمواهب، ومصدرًا مهمًا للمنتخب الوطني بمختلف فئاته.
أحد أبرز العناصر التي تُميّز الملعب التونسي هو انضباطه الفني، حيث يُعرف الفريق بأسلوب لعب يعتمد على التنظيم الدفاعي الجيد، التمريرات القصيرة، والبناء التدريجي للهجمات. وقد أشرف على الفريق مدربون كبار مثل الهادي حبوش، مراد محجوب، فوزي البنزرتي، وغيرهم من المدربين التونسيين والأجانب الذين أثروا في ثقافة الفريق وأسهموا في تطويره.
لا يمكن الحديث عن الملعب التونسي دون التوقف عند رمزية النادي الثقافية والاجتماعية. فالملعب التونسي ليس مجرد نادٍ رياضي، بل هو مؤسسة مجتمعية تُشارك في الحياة المدنية من خلال تنظيم حملات توعية، تبرّعات، دعم الفئات الهشة، ومساهمات في تحسين المحيط البيئي للمدينة. كما أن النادي تربطه علاقة تاريخية بساكنة باردو، الذين يرونه أحد معالم هويتهم.
رغم التحديات التي واجهها الفريق خلال بعض المواسم الأخيرة، خاصة على مستوى النتائج والمنافسة مع فرق تملك إمكانيات مادية ضخمة، إلا أن الملعب التونسي لا يزال يحتفظ بمكانته، ويحظى باحترام واسع داخل الأوساط الرياضية التونسية. ويتّجه النادي حاليًا نحو تعزيز استقراره المالي، وتحديث بنيته التحتية، خاصة بعد تدخل الجامعة التونسية لكرة القدم لتحسين ظروف الملاعب وتقديم الدعم الفني للأندية التقليدية.
بالإضافة إلى كرة القدم، يضم النادي فروعًا رياضية أخرى مثل كرة اليد، الكرة الطائرة، وألعاب القوى، وقد حقق فيها نتائج مشرفة على المستوى المحلي. هذا التنوّع الرياضي يُعدّ مصدر فخر لجماهير الفريق، ويعكس روح التعدد والتكامل التي يتميّز بها النادي.
ختامًا، يمكن القول إن الملعب التونسي يُجسد فعليًا صورة النادي التاريخي الذي يحافظ على أصالته، وفي الوقت ذاته يسعى للتجديد والتطوّر. هو نادٍ يُمثّل ذاكرة حيّة لكرة القدم التونسية، ويتطلّع إلى استعادة أمجاده والعودة إلى منصات التتويج، مدفوعًا بجماهير وفيّة، إدارة طموحة، وتاريخ لا يُشترى ولا يُباع.