البث المباشر في أسفل الصفحة
تقديم الترجي الرياضي التونسي :
الترجي الرياضي التونسي، المعروف اختصارًا بـ"الترجي"، هو واحد من أعرق وأشهر الأندية الرياضية في تونس والوطن العربي وإفريقيا. تأسس النادي يوم 15 يناير 1919 في حي "باب سويقة" العريق بتونس العاصمة، وقد أُطلق عليه هذا الاسم نسبة إلى "مقهى الترجي"، الذي احتضن أولى اجتماعات المؤسسين وعلى رأسهم "محمد الزواوي" و"هاني بلخوجة" وغيرهم من الرواد الوطنيين. منذ تأسيسه، ارتبط اسم الترجي بالقيم الوطنية والنضال ضد الاستعمار الفرنسي، إذ كان من أوائل الأندية التي سمح لها برفع الراية الوطنية قبل الاستقلال، مما جعله رمزًا للمقاومة والهوية التونسية.
من الناحية الرياضية، بدأ الترجي مشواره في القسم الثالث المحلي، وتمكن تدريجيا من شق طريقه إلى القمة، محققًا أول لقب في الدوري التونسي بعد الاستقلال سنة 1958. ومنذ ذلك الحين، لم يعرف النادي طريق التراجع، بل أصبح أحد أكثر الفرق تتويجًا على الساحة المحلية والإفريقية. يملك الترجي سجلًا مذهلًا من البطولات: أكثر من 30 لقبًا في الدوري التونسي، ما يزيد عن 15 كأسًا في تونس، إلى جانب عدة تتويجات في كأس السوبر المحلي.
أما على الصعيد القاري، فقد خطّ الترجي اسمه بأحرف من ذهب في سجلات الكرة الإفريقية، حيث توج بلقب دوري أبطال إفريقيا في أربع مناسبات (1994، 2011، 2018، 2019)، وكان وصيفًا في مرات عديدة، وهو إنجاز لا تحققه سوى الأندية العريقة ذات البنية التحتية القوية والخبرة الطويلة. كما فاز بكأس السوبر الإفريقي عام 1995، وشارك في كأس العالم للأندية ثلاث مرات، ممثلًا القارة الإفريقية.
يتميّز الترجي بامتلاكه قاعدة جماهيرية عريضة تُعدّ من الأوفياء والأكثر شغفًا في العالم العربي، حيث لا تتوانى جماهيره المعروفة بـ"المكشخين" عن مرافقة الفريق في كل الملاعب، داخل تونس وخارجها. تشتهر هذه الجماهير بأهازيجها الحماسية، وتيفوهاتها الخلابة التي تملأ مدرجات ملعب "رادس"، الذي يُعتبر المعقل التاريخي للفريق. وتساهم هذه القاعدة الجماهيرية الضخمة في خلق أجواء استثنائية، تجعل من مباريات الترجي حدثًا كرويًا فريدًا.
كما يتميّز النادي بتنظيمه المحترف، إذ يعتبر من الفرق القليلة في تونس التي تمتلك بنية إدارية ومالية متماسكة، بفضل استقرار الرئاسة التي يترأسها منذ عقود حمدي المدب، رجل الأعمال المعروف، الذي أعطى للنادي دفعة قوية على جميع الأصعدة، سواء في التسيير أو الانتدابات أو التكوين. وقد ساهم ذلك في جعل الترجي فريقًا دائم الحضور في الأدوار النهائية للمسابقات القارية.
لم يقتصر دور الترجي على كرة القدم فقط، بل يشمل عدة فروع رياضية أخرى، أبرزها كرة اليد، التي تعتبر من الأقوى محليًا وقاريًا، حيث فاز الفريق بعدة بطولات تونسية وإفريقية، وكذلك كرة الطائرة، التي شهدت هي الأخرى نجاحات متعددة. هذا التنوع جعل من الترجي مؤسسة رياضية متكاملة، تسهم في تطوير الرياضة التونسية وتقديم نماذج رياضية ناجحة.
اجتماعيًا وثقافيًا، يحظى الترجي بمكانة خاصة في قلوب التونسيين، حيث يشكّل موضوع فخر واعتزاز، ويتجاوز مجرد كونه نادٍ رياضي ليصبح موروثًا ثقافيًا، تنقله الأجيال وتتناقله الألسن في الأحياء والمدن والقرى. ويكفي أن نعلم أن شعار النادي، الذي يتمثل في الألوان الأحمر والأصفر، قد أصبح جزءًا من الذاكرة الجماعية التونسية، يُرفع في الأفراح والمناسبات ويُستحضر في لحظات الفخر والانتصار.
لقد مرّ الترجي بمحطات تاريخية صعبة، لكنه دائمًا ما كان يعود أقوى وأكثر عزيمة. سواءً في لحظات الانكسار أو في قمة المجد، بقي الترجي مدرسة في الوفاء والانضباط والطموح. ولهذا السبب لا يُعتبر الترجي مجرد فريق كرة قدم، بل هو مؤسسة وطنية، تعبّر عن طموحات الشعب التونسي وشغفه بالرياضة وروحه التنافسية العالية.
في النهاية، يُمكن القول إن الترجي الرياضي التونسي لم يكن يومًا مجرد نادٍ لكرة القدم، بل كان وما زال رمزًا للتحدي، عنوانًا للفخر، ومدرسة للنجاح. ويظل الشعار الخالد "الترجي فوق الجميع" دليلًا على هذه المسيرة المضيئة التي استمرت لأكثر من قرن، والتي ستظل مستمرة طالما بقيت الجماهير وفية، والإدارة صلبة، والطموحات لا تحدّها حدود.
تقديم نادي تشيلسي الإنجليزي :
نادي تشيلسي لكرة القدم، أحد أعرق الأندية الإنجليزية وأكثرها شعبية في العالم، تأسس في 10 مارس 1905 في لندن، وتحديدًا في منطقة فولهام، حيث يقع ملعبه التاريخي ستامفورد بريدج. منذ اللحظة الأولى لتأسيسه، جذب تشيلسي اهتمام عشاق كرة القدم بفضل موقعه المميز وهويته اللندنية الصرفة، التي كانت دائمًا جزءًا من جاذبيته الجماهيرية.
في بداياته، لم يكن تشيلسي فريقًا مرعبًا على مستوى البطولات، لكنه عرف كيف يكوّن لنفسه قاعدة جماهيرية واسعة بفضل أسلوب لعبه الهجومي وقدرته على جذب اللاعبين النجوم حتى في فترات الشحّ. ظل الفريق يتأرجح بين الدرجتين الأولى والثانية خلال النصف الأول من القرن العشرين، إلى أن عرف أول تتويج كبير له سنة 1955 عندما فاز بأول لقب دوري إنجليزي في تاريخه.
ومع ذلك، لم تدم مرحلة الصعود طويلًا، فعاد تشيلسي للتقلب بين النجاحات النادرة والفترات الصعبة. حتى في السبعينات والثمانينات، حين بدأت كرة القدم الإنجليزية في التحول، كان النادي يعاني من أزمات مالية وإدارية كادت تؤدي إلى انهياره أو بيعه. لكن ما ميّز تشيلسي في تلك الفترات هو ولاء جماهيره، الذين بقوا أوفياء للفريق في أحلك ظروفه، حاملين الأمل بأن يعود يومًا للواجهة.
التحول الأكبر في تاريخ تشيلسي جاء في بداية الألفية الجديدة، وتحديدًا سنة 2003، عندما قام الملياردير الروسي رومان أبراموفيتش بشراء النادي، في خطوة قلبت موازين كرة القدم الأوروبية. أبراموفيتش ضخ أموالاً ضخمة في النادي، وبدأ مشروعًا جديدًا يستهدف جعل تشيلسي من أقوى أندية العالم، فاستقدم مدربين كبار ولاعبين عالميين، وغيّر من عقلية النادي نحو الطموح والتتويج.
وكان الإنجليزي جوزيه مورينيو الذي تعاقد معه النادي عام 2004، أحد مفاتيح التحول الجذري، إذ قاد الفريق لتحقيق لقب الدوري الإنجليزي مرتين متتاليتين (2005 و2006)، في فترة شهد فيها تشيلسي هيمنة واضحة محليًا. وكانت تلك السنوات بمثابة إعلان رسمي بأن تشيلسي قد دخل نادي الكبار، ليس فقط في إنجلترا بل في أوروبا كلها.
على مدار العقدين الماضيين، أصبح تشيلسي قوة كروية عظمى، حيث فاز بعدة ألقاب محلية أبرزها الدوري الإنجليزي الممتاز 6 مرات، كأس الاتحاد الإنجليزي 8 مرات، وكأس الرابطة 5 مرات. لكن المجد الحقيقي جاء على المستوى القاري، حين تُوّج النادي بلقب دوري أبطال أوروبا لأول مرة في تاريخه عام 2012، بعد مباراة ملحمية ضد بايرن ميونيخ في ملعب أليانز أرينا، انتهت بفوز البلوز بركلات الترجيح.
تلك الليلة أصبحت جزءًا من الأسطورة الزرقاء، وتم تأريخها في وجدان الجماهير على أنها لحظة تتويج لحلم طال انتظاره. وقد أعاد تشيلسي المجد الأوروبي سنة 2021 حين فاز بلقبه الثاني في دوري الأبطال بقيادة المدرب توماس توخيل، بعد التفوق على مانشستر سيتي في النهائي. كما فاز النادي بـ الدوري الأوروبي مرتين (2013 و2019)، ما يؤكد قوته القارية الكبيرة.
على صعيد اللاعبين، مرّ على تشيلسي مجموعة من الأساطير والنجوم، أبرزهم الحارس العملاق بيتر تشيك، وقائد الوسط الهداف فرانك لامبارد، والمدافع المتين جون تيري، والمهاجم العاجي الكبير ديدييه دروغبا، الذي يعتبره الكثيرون رمز تشيلسي الحديث بفضل أهدافه الحاسمة وأدائه البطولي، خاصة في النهائي الأوروبي عام 2012. كما تألق في صفوف الفريق لاعبون مثل إيدن هازارد، مايكل بالاك، انفانتي كول، نجولو كانتي، وتياغو سيلفا، وغيرهم.
ملعب ستامفورد بريدج، الذي يتسع لأكثر من 40 ألف متفرج، هو القلب النابض للنادي، ويُعدّ واحدًا من أشهر الملاعب في إنجلترا، ويشهد دائمًا أجواءً مميزة، بفضل رابطة مشجعين وفية تُعرف بولائها الكبير وروحها الحماسية. جماهير تشيلسي منتشرة في كل أنحاء العالم، بفضل إنجازات الفريق وظهوره الدائم في البطولات الأوروبية، ويملك النادي شعبية جارفة في آسيا، إفريقيا، والشرق الأوسط.
تاريخ تشيلسي أيضًا حافل بالتغييرات الإدارية والفنية، فقد عرف النادي فترات انتقالية كثيرة، خاصة بعد مغادرة أبراموفيتش سنة 2022، حين تم بيع النادي لمجموعة أمريكية بقيادة تود بوهلي. هذه المرحلة الجديدة عرفت تغييرات كثيرة، وإعادة هيكلة للفريق، لكن مع الحفاظ على الطموح القاري، رغم تراجع الأداء في بعض الفترات.
من أبرز ما يميّز تشيلسي هو هويته المرنة، إذ عرف كيف يتحول من نادٍ لندني كلاسيكي إلى علامة تجارية عالمية، دون أن يفقد ارتباطه بجذوره المحلية. كما يمتاز بالقدرة على النهوض مجددًا بعد كل أزمة، حيث يبقى دائمًا ضمن دائرة الأندية الكبرى، التي تنافس على الألقاب مهما كانت الظروف.
ثقافيًا، أصبح تشيلسي رمزًا من رموز لندن، إلى جانب المعالم الشهيرة مثل ساعة بيغ بن وجسر البرج. ويمثل الفريق أحد أقطاب الكرة اللندنية، في منافسة أزلية مع فرق مثل أرسنال وتوتنهام. الديربيات التي يخوضها تشيلسي دائمًا ما تكون نارية، وتُعدّ من أكثر المباريات إثارة في الدوري الإنجليزي.
بفضل بنيته الاقتصادية القوية، وأكاديميته الشابة التي أخرجت نجومًا مثل ميسون ماونت وريس جيمس، يبدو مستقبل تشيلسي واعدًا. كما أن النادي يُعد من أوائل الأندية التي تبنت مبدأ "الكرة الشاملة" الحديثة، والتنوع داخل الفريق، حيث يضم لاعبين من مختلف الجنسيات والثقافات، مما يعكس طابع المدينة الأم: لندن.
في النهاية، فإن نادي تشيلسي ليس مجرد فريق كرة قدم، بل مؤسسة كروية عالمية، تجمع بين التاريخ والمجد، بين الحلم والواقع، بين الجماهير والشغف. سواء كنت في لندن أو في قارة أخرى، ستجد دائمًا من يهتف "Come on Chelsea"، وستبقى "البلوز" قصة نجاح تُروى لأجيال قادمة.