مباراة تونس و المغرب

 

البث المباشر في أسفل الصفحة

تقديم المنتخب التونسي :

يُعتبر المنتخب التونسي لكرة القدم، والذي يُعرف بلقب "نسور قرطاج"، أحد أبرز المنتخبات في القارة الإفريقية والعالم العربي، حيث يمتلك تاريخًا كرويًا طويلًا وعريقًا يمتد لأكثر من قرن. تأسس الاتحاد التونسي لكرة القدم سنة 1957، وانضم إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) في العام نفسه، لتبدأ بذلك رحلة المنتخب في المنافسات الإقليمية والدولية. وقد أصبح المنتخب رمزًا وطنيًا يجمع التونسيين حوله في لحظات الفرح والانتصار، كما كان دائمًا محط أنظار الجماهير في المناسبات الكبرى.

منذ مشاركته الأولى في تصفيات كأس العالم، أظهر المنتخب التونسي رغبة قوية في إثبات نفسه على الساحة الدولية. وقد تمكن بالفعل من تحقيق إنجاز تاريخي في كأس العالم 1978 بالأرجنتين، حيث أصبح أول منتخب إفريقي وعربي يفوز بمباراة في نهائيات كأس العالم، عندما هزم المكسيك بثلاثة أهداف مقابل هدف واحد. ذلك الانتصار لم يكن مجرد فوز عابر، بل كان محطة فاصلة في تاريخ الكرة الإفريقية والعربية، إذ ساهم في تعزيز مطالب منح القارة السمراء مزيدًا من المقاعد في البطولة العالمية.

منذ ذلك الحين، شهد المنتخب التونسي تطورًا ملحوظًا في أدائه وانضباطه التكتيكي، وشارك في عدة نسخ من كأس العالم، حيث تأهل إلى النهائيات أعوام 1998، 2002، 2006، 2018، و2022. وعلى الرغم من أن الفريق لم يتجاوز دور المجموعات في أي من هذه المشاركات، إلا أنه قدم مستويات طيبة في بعض المباريات، ونافس منتخبات كبرى بندية، ما جعله يحظى باحترام وتقدير على المستوى الدولي.

أما على الساحة الإفريقية، فإن الإنجاز الأهم للمنتخب التونسي كان التتويج بلقب كأس الأمم الإفريقية سنة 2004، عندما استضافت تونس البطولة على أرضها. وقد قاد المدرب الفرنسي روجيه لومير كتيبة من النجوم مثل زبير بيا، خالد بدرة، حاتم الطرابلسي، وسامي الطرابلسي، بالإضافة إلى النجم فرانسيلودو سانتو، لتحقيق اللقب بعد فوزهم في المباراة النهائية على المنتخب المغربي بهدفين لهدف، في لقاء حماسي احتضنه ملعب 7 نوفمبر برادس أمام عشرات الآلاف من الجماهير المتحمسة. كان هذا التتويج بمثابة تتويج لجهود سنوات من العمل، وأعاد للكرة التونسية بريقها الذي افتقدته لفترة.

تُعرف الكرة التونسية بأسلوبها الجماعي والانضباط الدفاعي، كما تتميز بوجود لاعبين مهاريين قادرين على إحداث الفارق في اللحظات الحاسمة. وقد أنجبت تونس على مر السنين عددًا من الأسماء التي تركت بصماتها في الملاعب، مثل طارق ذياب، الذي فاز بجائزة أفضل لاعب إفريقي سنة 1977، وكذلك رؤوف بوزيان، زياد الجزيري، وهشام الصيفي، ولاحقًا يوسف المساكني، وهبي الخزري، وعلي معلول، وهم لاعبون عرفوا بمستواهم الفني العالي وتمثيلهم تونس في بطولات كبرى داخل وخارج القارة.

ورغم هذه الإنجازات، لم تخلُ مسيرة المنتخب من لحظات الإخفاق والتحديات. فغياب الاستقرار الفني والإداري، وتغيير المدربين المتكرر، شكل عائقًا كبيرًا أمام بناء منتخب قوي قادر على المنافسة على الألقاب بشكل منتظم. كما واجه المنتخب انتقادات واسعة في بعض المشاركات بسبب الأداء الباهت أو الخروج المبكر، خاصة في البطولات التي كانت الجماهير تأمل فيها بتحقيق نتائج أفضل.

لكن رغم كل تلك التحديات، يبقى المنتخب التونسي من المنتخبات التي تحظى بقاعدة جماهيرية عريضة، سواء داخل تونس أو في الجاليات التونسية بالخارج. وتُعتبر الجماهير التونسية من بين الأكثر شغفًا بكرة القدم، حيث تواكب كل مشاركة دولية للمنتخب بحماس كبير، وتُضفي طابعًا خاصًا على المباريات من خلال الأهازيج والتشجيع المستمر، وهو ما يجعل اللاعبين يشعرون بمسؤولية كبيرة أثناء تمثيلهم للمنتخب.

وفي السنوات الأخيرة، بدأت ملامح جيل جديد تظهر على الساحة، مدعومًا بلاعبين محترفين في أوروبا مثل إلياس السخيري، حنبعل المجبري، وعيسى العيدوني. هذا الجيل أظهر رغبة قوية في المنافسة وتقديم أداء يليق بتاريخ المنتخب. كما ساهم المدربون التونسيون والأجانب في تطوير الأداء العام، مع التركيز على استقطاب المواهب التونسية من الخارج، مما جعل المنتخب أكثر تنوعًا وقوة من الناحية البشرية والفنية.

أما في كأس العرب 2021، فقد وصل المنتخب التونسي إلى النهائي، مقدّمًا عروضًا قوية، رغم خسارته في النهائي أمام الجزائر. كانت تلك البطولة مناسبة أخرى لإبراز عمق المواهب في تونس، ومدى قدرة الفريق على مقارعة الكبار. كما كانت تمهيدًا جيدًا لمشاركة تونس في كأس العالم 2022 بقطر، حيث أوقعت القرعة نسور قرطاج في مجموعة قوية تضم فرنسا، أستراليا، والدنمارك. وعلى الرغم من عدم التأهل للدور الثاني، فإن المنتخب قدم مباراة تاريخية أمام فرنسا، بطل العالم، وفاز بهدف نظيف سجله وهبي الخزري، في إنجاز معنوي كبير نال إشادة دولية واسعة.

المستقبل يبدو واعدًا للمنتخب التونسي، خصوصًا إذا ما تم الاستثمار الجيد في الفئات الشابة، وتوفير الاستقرار الفني والإداري. فتونس تمتلك بنية تحتية رياضية جيدة، وأندية محلية قوية مثل الترجي الرياضي والنجم الساحلي والنادي الإفريقي، التي تُعتبر خزّانًا للمواهب الشابة. وإذا ما تم تعزيز التنسيق بين الأندية والمنتخب، فمن الممكن أن تعود تونس إلى منصة التتويج القاري، وربما تحقق ما لم يتحقق بعد في كأس العالم.

وفي الختام، يمكن القول إن المنتخب التونسي ليس مجرد فريق لكرة القدم، بل هو جزء من الهوية الوطنية، ومرآة تعكس طموحات وأحلام شعب بأكمله. فكل مباراة يخوضها النسور تحمل بين طياتها تاريخًا، حكاية، وأملًا جديدًا. وبين لحظات الانتصار والانكسار، يبقى المنتخب التونسي رمزًا للفخر، وعلامة فارقة في سجل الكرة الإفريقية والعربية.

تقديم المنتخب المغربي :

يُعد المنتخب المغربي لكرة القدم، المعروف بلقب "أسود الأطلس"، واحدًا من أعرق المنتخبات في القارة الإفريقية والعالم العربي. تأسس الاتحاد المغربي لكرة القدم سنة 1955، وانضم إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) في العام 1960. ومنذ ذلك الحين، بدأ المنتخب المغربي في شق طريقه بثبات نحو إثبات ذاته على الصعيدين الإفريقي والعالمي، من خلال مشاركاته المتعددة وإنجازاته التي دوّن بها اسمه في سجل الكبار.

شارك المغرب لأول مرة في تصفيات كأس العالم سنة 1962، لكنه لم يتأهل حتى نسخة 1970 في المكسيك، ليصبح أول منتخب إفريقي وعربي يسجل هدفًا في كأس العالم، وكان ذلك أمام المنتخب الألماني الغربي. هذه المشاركة فتحت الطريق لحقبة من الطموح الكبير لدى الجماهير المغربية التي بدأت تؤمن بإمكانات منتخبها وقدرته على فرض اسمه بين كبار اللعبة. إلا أن الإنجاز الأبرز آنذاك لم يتحقق إلا في سنة 1986، حين أصبح المنتخب المغربي أول منتخب إفريقي وعربي يتأهل إلى دور الـ16 في كأس العالم، بعد أداء مبهر في دور المجموعات، حيث تعادل مع إنجلترا وبولندا وفاز على البرتغال بثلاثية تاريخية. ورغم الخروج أمام ألمانيا الغربية، إلا أن المغرب غادر البطولة مرفوع الرأس، بعد أن غير النظرة العالمية للمنتخبات الإفريقية.

في تلك الفترة، تألق عدد من النجوم الذين أصبحوا أساطير الكرة المغربية مثل بادو الزاكي، الذي كان الحارس الأمين للمنتخب، وعزيز بودربالة، وعبد الرزاق خيري، وغيرهم. الزاكي، تحديدًا، بقي في ذاكرة المغاربة كأحد أعظم من حرس شباك المنتخب، حتى تولى تدريبه لاحقًا في الألفية الجديدة، وقاده إلى نهائي كأس الأمم الإفريقية 2004.

على الصعيد القاري، لم يكن المنتخب المغربي غريبًا عن منصات التتويج، حيث حقق أول وآخر لقب له في كأس الأمم الإفريقية سنة 1976 في إثيوبيا. تألق "أسود الأطلس" في تلك البطولة، وقدموا أداءً جماعيًا متميزًا ساعدهم على التتويج باللقب الوحيد في خزائنهم حتى الآن. ورغم مشاركاتهم العديدة في "الكان"، إلا أن الحظ لم يبتسم لهم في محاولات لاحقة، حيث وصلوا لنصف النهائي أو النهائي عدة مرات، لكن دون تكرار التتويج.

في السنوات اللاحقة، واجه المنتخب المغربي فترات من التراجع وعدم الاستقرار، سواء على مستوى الأداء أو الجهاز الفني. توالت الإخفاقات في التصفيات والبطولات، مما أثار استياء الجماهير التي كانت تعوّل كثيرًا على منتخبها. لكن رغم ذلك، حافظ المغرب على مكانته كأحد القوى الكبرى في إفريقيا، بفضل امتلاكه مواهب كروية لامعة، ولعبه الفني المتوازن.

وفي العقد الأخير، عاد المنتخب المغربي إلى الواجهة بقوة، خصوصًا مع عودة عدد من المحترفين من أوروبا لتمثيل الوطن. شهدت فترة المدرب الفرنسي هيرفي رونار تحسنًا كبيرًا، حيث نجح في قيادة الفريق إلى التأهل لكأس العالم 2018 في روسيا، بعد غياب دام 20 سنة عن المونديال. قدم المنتخب أداءً مشرفًا، وخرج من الدور الأول بصعوبة، بعد تعادل مع إسبانيا وخسارتين بشق الأنفس أمام إيران والبرتغال.

لكن الإنجاز الأكبر والأكثر إشراقًا في تاريخ المنتخب المغربي كان بلا شك مشاركته في كأس العالم 2022 في قطر. ففي هذه البطولة التاريخية، أصبح المغرب أول منتخب إفريقي وعربي يصل إلى نصف نهائي كأس العالم. تحت قيادة المدرب الوطني وليد الركراكي، قدم "أسود الأطلس" أداءً بطوليًا، حيث تصدروا مجموعة ضمت كرواتيا وبلجيكا وكندا، ثم أطاحوا بإسبانيا في دور الـ16 بركلات الترجيح، قبل أن يتغلبوا على البرتغال في ربع النهائي بهدف يوسف النصيري التاريخي، لتنفجر الفرحة في المغرب والعالم العربي بأسره.

في نصف النهائي، ورغم الخسارة أمام فرنسا، فقد أظهر المغرب شجاعة كبيرة، ثم خاض مباراة تحديد المركز الثالث أمام كرواتيا وخسرها بشرف، ليحتل المركز الرابع عالميًا، وهو إنجاز غير مسبوق لأي منتخب عربي أو إفريقي في تاريخ البطولة. هذا الإنجاز جعل من المغرب قدوة كروية جديدة، ونقطة مرجعية لبقية منتخبات القارة والشرق الأوسط.

وقد أبهرت تشكيلة المغرب في مونديال قطر العالم، بفضل لاعبيها المحترفين ذوي المستوى العالي، مثل حكيم زياش، أشرف حكيمي، سفيان أمرابط، يوسف النصيري، نصير مزراوي، بونو، وسفيان بوفال. لم يكن الأداء فرديًا فقط، بل ظهر المنتخب كمنظومة قوية، متماسكة، تملك رؤية وروحًا قتالية مميزة، ما جعله يحصد احترام العالم بأسره.

بعيدًا عن البطولات الكبرى، عرف المنتخب المغربي تطورًا على مستوى التكوين والبنية التحتية. فقد استثمرت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم بشكل كبير في تطوير مراكز التكوين، وأهمها مركز محمد السادس لكرة القدم، الذي يُعتبر من بين الأفضل عالميًا. هذا المشروع الطموح بدأ يثمر عن مواهب شابة تندمج تدريجيًا في صفوف المنتخب الأول، مما يبشر بمستقبل واعد.

كما أن السياسة الجديدة للاتحاد المغربي في استقطاب مزدوجي الجنسية وتوفير أفضل الظروف للاعبين ساعدت في رفع مستوى الفريق الوطني. وقد برزت أسماء شابة مثل عبد الصمد الزلزولي، إبراهيم صلاح، وليام صبير، وغيرهم، الذين يمثلون الجيل القادم لأسود الأطلس، في وقت يقترب فيه بعض النجوم الحاليين من نهاية مسيرتهم الدولية.

إن طموحات المنتخب المغربي اليوم لا تقتصر على التمثيل المشرف، بل يسعى إلى التتويج القاري مجددًا، بعد مرور أكثر من 45 عامًا على آخر لقب إفريقي. كما تأمل الجماهير المغربية أن يواصل منتخبها التألق في كأس العالم 2026، خصوصًا مع استضافة البطولة في قارة أمريكا الشمالية، في بيئة مشابهة لقطر من حيث الاحتراف والظروف التنظيمية.

وفي الختام، لا يمكن الحديث عن المنتخب المغربي دون الإشارة إلى الدور الكبير الذي تلعبه الجماهير، سواء داخل المغرب أو في أوروبا والخليج. هذه الجماهير العاشقة تقف خلف فريقها في كل الظروف، وتمنحه دفعة قوية، كما فعلت في مونديال قطر عندما تحولت المدرجات إلى لوحة حمراء رائعة. أسود الأطلس اليوم ليسوا فقط فريقًا لكرة القدم، بل أصبحوا مصدر فخر وطني وعالمي، يمثلون المغرب بأفضل صورة، ويكتبون صفحة ذهبية في تاريخ الكرة الإفريقية والعربية.




تابع موقعنا عبر خدمة جوجل نيوز للحصول على أخر الأخبار الرياضية أول بأول ...